1

845 17 5
                                    

اتعرف يا صغيري عندما يخبروك انك ألد أعداء نفسك؟ .. انهم كاذبون
انت كل اعداء نفسك ..

يقولون "اخر عدو يبطُل هو الموت" .. الحقيقة أنه لا عدو يبطل ..
ستظل تواجه اعداءك .. كل يوم وكل ساعة ..
عندما تخف وطأة الحرب يكون هذا بسبب تراجع اعداءك قليلا .. وليس لأنك انتصرت ..
الحقيقة في هذا العالم أن لا أحد ينتصر .. الساذج فقط من يعتقد انه انتصر .. ما تستطيعه هو أن تروّض أعداءك، كما يفعل مربي السيرك بأسوده ..
لا يقتل ذلك المربي أسوده المتوحشة، وإلا سيخسر مصظر رزقه وعماد حياته. ولكنه يروضها .. يتعامل معها .. يتكيف .. يُنشِىء علاقة من نوع ما معها .. علاقة "لا سلم ولا حرب" .. علاقة تبادل منفعة يخيم عليها هدوء حذر .. علاقة لا تخلو من مناوشات بين حين وآخر، ولكنها -في مجملها- علاقة استسلام للامر الواقع..

اثنان أغبياء في هذه الحرب..
الاول يحارب شياطينه الداخلية ويهزمها .. يهزمها بالمبالغة في التدين او بالعائلة او بأشياء مخدِرة .. ثم يكتشف بعد وقت طويل أنه لم يهزمها حقا، وأنه قد غطّاها لا اكثر .. تخرج شياطينه رؤوسها الثلاث من تحت طين المستنقع المهجور، حتى إذ يحاول قطع إحداها بالسيف القديم، ينبت رأسان مكانها .. فتستمر حياته بين اخفاء الرؤوس بطين المستنقع وبين ثورات الحماس المفاجيء لقطع الرؤوس والتي تنتج رؤوسا أكثر...

اما الغبي الثاني هو من يترك شياطينه تنتصر تماما .. يغلبه الانهاك فيترك متاريسه ودفاعاته .. الشياطين داهية وتستغل كل فرصة ممكنة .. في الحقيقة قوتها العظمى تكمن في اقناعه بأنه انهزم، مرة وإلى الأبد .. تعمي عيناه عن رؤية حقيقة أن الحياة ليست خط مستقيم، فيظن ان قطاره قد وصل لآخر وأقصى محطاته .. هنا تنتصر الشياطين، عندما يسلّم أنه لا بد ان يترك قطاره لهم برغم أن تذكرته تقول أنها ليست النهاية بعد..

يا صغيري .. الشياطين لن تموت .. لن تنتهي .. لن تُهزَم .. ولن تنتصر كذلك ..
أتعلم لماذا؟ .. لأنها أنت ..
هي جزء منك .. قابس لا يمكن فصله إلا بتخريب الماكينة .. لن يأتي يوم وتكون خاليا من الشياطين .. لن يحدث ..
شياطينك هنا وستظل هنا .. وعليك أن تتعلم كيف تشاركها في نفس المنزل .. لأنه لا حل -حقيقي- آخر...

خواطرحيث تعيش القصص. اكتشف الآن