في مسلسل the newsroom يكرر بطل المسلسل (ويل ماكڤوي) دائما انه in a mission to civilize - في مهمة لنشر التحضر
وبرغم انه عادة ما يقول العبارة ببعض السخرية، الا ان العبارة تصفه ربما بأكثر مما يتخيل
يشتبك ماكڤوي مرارا مع كل موقف يحمل طيفا رماديا، يشهر وقتها سلاح كلماته ويحاول دفع الموقف إلى إحدى المنطقتين البيضاء أو السوداء.. يثير جنونه تصالح الجميع مع الشر الذي يبدو واضحا.. يحاول كل مرة وضع خطوطا حادة تفصل ما بين ما يحدث وما يجب أن يكون
تكلف مهمة التحضر تلك ماكڤوي الكثير.. تجعله دائما في وضع المخاطرة .. مخاطرة بعلاقاته .. مخاطرة بعمله.. مخاطرة بأمواله.. مخاطرة بسمعته.. مخاطرة بأحلام حياته.. مخاطرة بحريته خارج السجن.. مخاطرة بحياته نفسها
لكن ما يجعل ماكڤوي هو ماكڤوي، هو انه يقبل المخاطرة في كل مرة.. بشكل يقارب من السذاجة يخاطر وهو يتوقع النجاح.. يتوقع ان يتغير الناس، وان تتغير القوانين، وان يتغير التاريخ.. بحماس غريب متواصل يدخل كل معركة، حتى وإن كانت جراح آخر معركة لا زالت تنزف
بالطبع لا يكسب ماكڤوي كل المعارك.. بل انه ربما يُهزَم أكثر مما ينتصر.. لكن العجيب أن بئر طاقته لا ينضب أبدا.. يجدد ماءه إيمانه الاعمى بما يرجوه
بينما يحاول الكثير قبول الحياة كما هي، يرفض ماكڤوي والقليلون من حوله ذلك.. لا يستطيعون التعامل مع الحياة بصورتها المملوءة بالجهل والظلم والتلاعب واللا منطقية.. يرون ان مهمتهم شبه المقدسة هي نشر العدل والخير والجمال
لكن الشيء الأكيد في الحياة أنها ليست عادلة .. انها شيء مختل المؤشر دائما.. لن تصير خطا مستقيما أبدا
محاولات "إصلاح" الحياة لن تجدي.. المؤشر كان مختل وسيظل مختلا
لكن ما كان يميز ماكڤوي أنه كان دائما يتعامى عن تلك الحقيقة .. كطفل عنيد كان لا ينفك عن الصياح حتى يتحقق صوابه.. لا يستطيع ابتلاع الهوة الشاسعة بين توقعاته من الحياة وبين واقعها
وهو لا يفعل كل هذا كنوع من البطولة او التضحية، ولكن لأنه لا يستطيع الحياة في عالم مختل.. هذا يصيبه باختناق واكتئاب وملل ويأس بلا حدود
الحياة الوحيدة من وجهة نظره هي حياة تقودها المباديء، لا حياة تلهث المباديء ركضا خلفها
العجيب هو أن ميزان الحياة يتحرك بجهود ماكڤوي.. لا يتغير او يعتدل، ولكنه يتزحزح قليلا فقط .. يبدو أحيانا وكأن الدنيا لديها قلب صغير كان مختفيا في مكان ما وقد وجده ماكڤوي ..
