الفصل الخامس " خاتم العهد"

398 76 40
                                    

وجهة نظر الكاتب :

ومنذ تلك اللحظة وتواعدا مينهو وران .

كانا يشعران دائما كلما مرت عليهم الأيام ، رغم الخلافات التي تتوسطها كأي ثنائي ، رغم عمل مينهو الإضافي بجانب متجر الزهور والذي يجعلها تراه بشكل بسيط ،إلا أنهما ظلا متماسكين وحبهما يزداد .

كانت ران تفتقد الأمان و الحب برحيل والداها ، لكن وجدته في مينهو .

وبالمثل لمينهو فهو وجد بها حَنان الكون بأسره بِها و شعوره بكونه محظوظ بإمتلاكه لشخص يكن له هذا الحب والحنان عليه.

هما روح واحدة بجسدين إن أجزت التعبير .




لكن دوام الحال من المُحال و جاء ما لم يُحمد عقباه فقد بدأت الحرب الكورية في يونيو عام ١٩٥٠م .

كان الجميع يستمع إلى المذياع كل يوم منذ أن بدأت الحرب ، نسمع ما إن تلك الكُربة أُزيلت وعاد الوطن حُرًا ونصلي لأن لا يخسر أحد شخصًا عزيزًا مهما كانت الصِلة .

و الأن أصبحت الحكومة تناشد بتجنيد الشباب للدفاع عن الوطن وهذا ما كان يجعل ران تخشى أن يذهب مينهو و يجازف ،لكنها كانت على أمل أن يحدث عكس ذلك من خلال لقائها بمينهو بالمساءِ.

وجهة نظر الكاتب انتهت

  ________

وجهة نظر "ران" :

الدم .. صوت إطلاق الرصاص .. صوت المذياع يُعلن عن الإصابات والوفيات.. صراخ ونحيب من أم مكلومة أو حبيبة فقدت معشوقها أو أب خسر ولده أو أخ خسر عضده

هذا ما أنا أشعر به يوميا منذ اندلاع الحرب و ما أبشع هذا الشعور ! و ما أقساه على قلبي !

أخبرني في ذلك اليوم بأنه سيحارب لأجل وطنه ويدافع عنه ، أذكر أنني بكيت لدرجة الإنهيار وتمسكت بملبسه لـ ألا يتركني ويرحل .

كان يلمس وجهي و يرفعه مقابلاً لوجهه .. ناظرًا لي بعيونهِ اللامعة ويُقبلني لأهدء و أطمئن بأنه لن يصيبه أذى و سيبقى لأجلي .

احتضنته بقوة و أمسكت به وظلتت أردد" أحبك لا تتركني" ، بينما هو يربت على كتفي ورأسي يهمس بأذني بـ"أنا أحبكِ أكثر ران..  شكرًا لأنكِ جعلتيني أحيا من جديد و أشعر بالسعادة"

ظلننا على هذا الحال طوال الليل إلى أن ذهبت لمنزلي وظللت أبكي أكثر بأحضان هيرومي، كانت تواسيني وتطمأنني بأنه سيكون بخير لأجلي ولن يصيبه مكروه

علمت من يونغبوك بينما هو يتحدث مع هيرومي بأن مينهو سيرحل خلال يومين دون أن يعلمني كي لا أقلق ولكن علمت بذلك من خلال سماعي لهم .

جاء اليوم الذي سيذهب محبوبي ليحارب .. قبلني على جبهتي كما أحب و أمسك بخاتم بسيط ووضعه في يدي اليمنى و قبلها ثم نظر لي بعيون لامعة لكن يكسو معظمها الحزن

"هذا خاتم الوعد ران ، أعدك ِ بأني سأكون معكِ لآخر لحظة من عمري ، لآخر نفس أتنفسه سيكون لكِ أنتِ"

دموعي غلبتني وانهمرت لقوله ، أحتضنته بقوة ثم عُدت لأتأمل عيناه .. تحمحم و أخبرني بتجنيده دفاعًا عن الوطن ، فشعرت وكأنني أسلب من حريتي كما سُلب من وطني .

رغم أني أعلم بالميعاد دون أن يخبرني ،لكني بكيت و تمسكت بِه وازداد بكائي لكن كانت أحضانه كفيلة لجعلي أتمالك و أتقبل ما وقع علينا.

نظر لي بعيون على وشك أن تدمع وطلب مني بأن أنظر لتلك الفراشة التي كانت على مقربة من الزهرة وقال لي

"عندما نرحل للحياة الأخرى سأكون أنا الفراشة و أنتِ الوردة لكي أقبلكِ دائما وأكون بجانبكِ دون حروب .. دون فراق ، فقط أنا و أنتِ"

عاود النظر لي مرة أخرى ليُقبلني وشعرت بدموعه تسقط على شفتاي ليبتعد عني وينظر لعيوني وابتسم وقام بالتلويح لي وبدأ بالرحيل من أمام منزلي ذهابًا لمحطة القطار .

لحقته إلى محطة القطار دون أن يلاحظني وظللت انتظره إلى أن رأيته و ضممته إلى صدري و ودت لو أن أضعه داخلي و أحميه.. لم أكن أود أن أتركه يرحل عني ،لكن ما بيدي حيلة .

نظراته وضحكته اللثوية المحببة لخافقي كانت تجعلني أذوب في حبها أكثر و أكثر  ، ليقطع صوت القطار لحظاتنا السعيدة معلنًا الرحيل .

عدت لغرفتي ناظرة بإهمال للفراغ ثم للخاتم الذي أهداه إلي ،ابتسمت وتذكرت كلماته وصليت للإله بأن يحميه ويعود لي من جديد دون حروب دون فراق آخر

THE RED POPPY | الخُشخاش الأحمرWhere stories live. Discover now