تَحَلُّـوا بالشَّجَاعَـةِ

21 5 6
                                    

*📚خِطَّـةٌ مَـعَ وَقْـفِ التَّنْفِيـذِ!📚*

يُروَىٰ أنَّ هِرَّاً تَسلَّطَ عَلىٰ قَريَةِ فِئرَانٍ، وكَانَ كُلَّ يَومٍ يَقتُلُ منهُم أكثرَ مِن عَشرَةٍ، حتَّىٰ كَادَتْ الفِئرانُ تَفنَىٰ عَلىٰ يَديهِ!

عَقدَ الفِئرَانُ اِجتماعَاً طَارئَاً فِيما بَينهُم، عَلَّهُم يَجدونَ حَلَّاً للمُشكلةِ، عِندها قَامَ فَأرٌ كَبيرٌ فِي السِّنِّ وقَالَ لهُم:

إنَّ الهِرَّ دَومَاً يُباغتُنا، لهَذا هُو يَملِكُ عُنصُرَ المُفاجَأةِ، الحَلُّ الوَحِيدُ أن نَعرِفَ الوَقتَ الَّذي سيُهاجِمُ فيهِ، وقَد وَجدْتُ طَريقَةً لذلكَ؛ وهِي جَرسٌ مَربُوطٌ بحَبلٍ، لا نَحتَاجُ أكثرَ مِن أن يَضعَهُ أحَدكُم حَولَ رَقَبتِهِ عِندما يَنامُ، فإذا قَامِ أصْدرَ الجَرسُ صَوتَاً؛ فنَعرِفُ مِن قَرْعِ الجَرسِ مَتىٰ يَنوي المُهاجمَةَ!

أُعجِبَتْ الفِئرانُ بالخُطَّةِ، وبَقيَ أمَامها التَّنفيذُ!

وكُلَّما نَظرَ الحَكيمُ إلىٰ فَأرٍ يُريدُ أن يُكلِّفَهُ بالمُهمَّةِ، وَجدَ عِندهُ عُذرَاً!

*قَالَ الأوَّلُ:* أنا بَطيءٌ فِي الرَّكضِ وسيَأكُلنِي الهِرُّ لا مَحَالةَ!

*قَالَ الثَّانِي:* أنا نَظرِيَ ضَعيفٌ ولَا أستطِيعُ عَقدَ الحَبلِ حَولَ عُنُقِ الهِرِّ!

*قَالَ الثَّالِثُ:* أنا مَرِيضٌ جدَّاً!

*وهَكَذا بَقيَتِ الخِطَّةُ قَيدَ التَّنفيذِ حَتَّىٰ أفنَىٰ الهِرُّ القَريَةَ!*

*هَدَفٌ بدُونِ خُطَّةٍ هُو مُجرَّدُ أُمنيَةٍ!*

*وخِطَّةٌ بدُونِ شَجاعَةِ التَّنفيذِ؛ هِي بِنايَةٌ عَلىٰ الوَرقِ لا تَصلُحُ للسَّكنِ، ورَسمَةٌ لمَركَبٍ لا يَصلُحُ للإبحَارِ!*

نَحنُ لا يَنقُصُنا الخِطَّةُ في الغَالبِ، كُلُّنا يَعرِفُ ما الَّذي عَليهِ فِعلُهُ، *ولَكنَّنا لا نَفْعَلْ*، لهَذا نَبقَىٰ في أماكِنَنا، *كالجَالسِ عَلىٰ كُرسِيٍّ هَزَّازٍ، يَتَحرَّكُ ولا يَسِيرُ!*

نُخاصِمُ صَديقَاً، ثُمَّ نَتَذكَّرُ أيَّامَنا الحُلوةَ معهُ، تَزُورُنا ذِكرياتُنا الحُلوَةُ، فنَمشِي خُطوَةً إلىٰ الأمامِ *ويُرجِعُنا الكِبريَاءُ خُطوتَينِ إلىٰ الوَراءِ،* وكُلَّما طَالَ الوَقتُ زَادَتِ الجَفوَةُ، تبَّاً للكِبريَاءِ؛ *فَقطْ أَقدِمُوا!*

يَحصُلُ بينَ أخٍ وأخِيهِ جَفاءٌ عَلىٰ شَيءٍ من الدُّنيَا، والدُّنيَا كُلُّها لا تَستحِقُّ، فلَا هَذا يُبادِرُ ولا ذَاكَ، ثُمَّ إذا مَاتَ أحدُهُما بَكاهُ الآخرُ، ووَقفَ يَتقبَّلُ بهِ العَزاءَ، مَا نَفعُ الدُّموعِ بَعدَ فَوَاتِ الأوَانِ؟!

*إنَّ وَردَةً نَضعُها فِي يَدِ حيٍّ أفضلُ مِن بَاقَةٍ نَضعُها عَلىٰ قَبرِ مَيِّتٍ!*

الحَيَاةُ تَحتَاجُ إلىٰ جُرأةٍ، والنَّفسُ تَحتَاجُ إلىٰ تَأدِيبٍ وإلىٰ من يَحمِلُها عَلىٰ الحَقِّ حِملَاً، نُفوسُنا تُشبِهُ الأطفَالَ، إن تَركنَاهُم وشَأنَهُم لأمضُوا الحَياةَ فِي اللَّعبِ، وإن أخَذْنا عَلىٰ أيدِيهِم وأدَّبنَاهُم بَنَيْنَا لهُم مُستقبَلاً حُلوَاً، أو عَلىٰ الأقَلِّ صَنعْنَا إنْسانَاً صَالحَاً، *فتَحَلُّوا بالشَّجَاعَةِ!*

عجب. !! أما آن انتبصر العقول حيث تعيش القصص. اكتشف الآن