الفصل السادس عشر

1.6K 172 1
                                    

ـ بص يا سيدي أنت هتعمل نفسك مجنون بجد؛ عشان هما يحوّلوك للعباسية.
ـ يعسل!
هكذا هتف نوح ساخرًا من كلماته!
                        *******************
أما عند أسيل؛ فكانت مازالت تبكي، فشلت كريمة في تهديئتها، فقط سردت لها ما حدث ثم دخلت في نوبة من البكاء.
ظلت هكذت حتى نامت في مكانها، ظلت كريمة بجوارها حتى شروق الشمس، فقط غفلت عنها لمدة ساعتين فقط ثم فاقت، نظرت لها بحزن وهي تشعر بالعجز؛ ولكن جاء على بالها ليلى صديقتها، بالتأكيد صديقتها لها تأثير عليها، سحبت هاتف أسيل وأجرت مكالمة لها، فقط قالت لها أسيل تحتاجك وكان ردها أنني آتيه.
أستيقظت أسيل ونظرت حولها، كانت تحاول تستوعب إنها بالفعل في منزلها، ومع إدراكها إنها داخل منزلها تذكرت أمر نوح، وضعت كف يدها على وجهها ودخلت في نوبة جديدة من البكاء!
جاءت كريمة من المطبخ على صوت بكاءها، رهلت عليها وهي تحاول أن تهديئها، وأثناء ذلك المشهد كان جرس الباب يصدح في المنزل، نهضت وترجلت نحو الباب لكي تفتح للطارق، ولم يكن سوى ليلى، وفور رؤيتها كانت تستقبلها كريمة قائلةً لها:
ـ تعالي يا ليلى شوفي صاحبتك، تعالي يا بنتي.
ـ في إيه مالها؟
سألت وهي تترجل إتجاها سريعًا، وفور رؤيتها كانت تصيح فيها بفزع من هيئتها:
ـ في إيه؟ مالك؟
ـ نوح راح بسببي يا ليلى، راح بسببي.
هكذا قالت لها وهي ترمي نفسها داخل أحضان صديقتها.
بينما كريمة فنظرت لهم بيأس ثم نهضت وهي تقول لهم:
ـ أنا هروح أعملكم حاجة تاكلوها لحد ما تهديها يا ليلى.
ربتت ليلى على شعرها ثم سألتها وهي تنظر لها:
ـ ممكن أفهم حصل إيه؟
شهقت بعنف ثم بدأت في سرد كل شيء من جديد.
كانت تروي لها ودموعها تسبق كلماتها، ختمت كلماتها وهي تقول:
ـ أعمل إيه يا ليلى؟ أعمل إيه؟ أنا... أنا السبب... أنا اللي ضيعته.
نظرت لها ليلى بتركيز ثم سألتها دون مقدمات:
ـ هو أنتِ حبيتي نوح يا أسيل؟
تلكّم لسانها، لا تعرف ماذا تقول، فقط كل ما شعرت بهِ هو قلبها الذي ظل ينبض بقوة، أشاحت بوجهها بعيد ولم تجيبها، بينما ليلى لم تصمت، دارت وجهها نحوها بأطراف أصابعها وكررت سؤالها مرة أخرى:
ـ ردي عليا، بتحبيه؟
سقطت دموعها من جديد، مسحتهم بعنف وهي تهتف قائلة:
ـ معرفش، معرفش بس أنا كنت مبسوطة معاه، كنت حابة وجوده، حسيت معاه بالأمان، حسيت معاه بالدفا، كإن وجوده كان وطن! مكنتش حاسّه أني عايزة حد تاني في الدنيا وأنا معاه، فترة صغيرة عرفته فيها بس كانت زي كفيلة تخليني أحسّ بكل شعور حلو وأنا معاه، كنت حاسه إنه مسؤول مني، كإنه ابني!
وأهو ضاع مني، مكنتش قد المسؤلية وضاع مني بسببي!
كانت ليلى تستمع لكلماتها وقلبها يؤلمها، حقًا أسيل تحب نوح! وسفيان يحبها! عجيب ذلك القلب، يدق لمن لا يفكر فيه حتى، ولا يشعر بمن ينبض له عشقًا!
تذكرت سفيان وحديثه معها عن حبه لأسيل.
وأيضًا تذكر حديثها من طبيبتها عنه، ورغبًا عنها أخذتها ذاكرتها لأقرب جلسة كانت لها مع فريدة؛ طبيبتها النفسيّة.

ـ يعني  اللي حكيته ليكِ ده ميدلّش أني خفيت؟
كانت تحكي لها عن عدة أشياء توقفت عن فعلتها بسبب قرب سفيان منها، ولكن ذلك الجلسة كانت قبل تصريح سفيان لها عن حبه لأسيل!
شعرت أن بعض الأشياء أختلفت بسبب وجوده معها دائمًا؛ لذلك أرادت أن تشارك مشاعرها المتضطربة لفريدة، وقتها ابتسمت لها فريدة وقالت:
ـ الموضوع كله هيكون تدريجي يا ليلى، أنتِ قولتِ أن اليومين دول بقت في حاجات روتينية كنتِ متعوده عليها ومبقتيش بتعمليها، وده يرجع للنقطة اللي قولتلك عليها قبل كده، وهي أن من خلال الشخص ده روتينك هيتغيّر، وأنتِ اللي هتساعدي في ده، هتلاقي نفسك بتجربي معاه حاجات جديدة، بتنسي اشياءك الروتينية، بتنسي تطهري أيدك، حتى وسواس الترتيب بقربه منك هتنسى إنك بتتعصبي من عدم الأنتظام، وهتلاقي نفسك غصب عنك بتحاولي متعمليش أي تصرف من تصرفات الهوس لأنك خايفة الشخص ده ينفر منك بسبب تصرفاتك، عشان كده بتلاقي عقلك حظر جدًا في تصرفاته وهو معاه.
ـ يعني أنا بخف عشان شخص يا دكتور؟ يعني لو أختفى أنا.. أنا هرجع لنقطة الصفر!
هكذا هتفت ليلى بخوف ينهش في قلبها، ابتسمت لها فريدة وأردفت ببساطة:
ـ طبعًا لا يا ليلى، نسيتي خطوات العلاج؟  نسيتي أننا بقينا بنمشي على الأدوية بشكل مستمر؟
واللي بينجح العلاج ده هو أنتِ، لما عرفتي مرضك وأقتنعتي بيه كانت دي أول خطوة، كونك وقعتي في شخص تقبلّك رغم وسواسك هو ده اللي ساعدك تبدأي في مرحلة التعافي، هو متقبلك زي ما أنتِ عشان كده أنتِ بتحاولي تظهري أحسن ما عندك ودي أهم خطوة في العلاج
ـ بس أنا خايفة يا دكتور لما يختفي أتنكس!
هكذا صرحت لطبيبتها عن مخاوفها! مسكت فريدة قلمها وعبثت بهِ لثوانٍ ثم هتفت بأسف:
ـ ده أحتمال يا ليلى فعلًا، لكن مننساش إن أصلًا كل ده بدأ يحصلك لأن مشاعرك أتحركت نحو الشخص ده، ولأنك بتحاولي بكل جهدك تظهري أحسن شيء فيكِ، وبتحاولي تخفي كل عيوبك عنه، وأنتِ بالنسبالك عيوبك هي مرضك، فكنتِ بتحاولي تخفيها عنه، ودي خطوة صح، ولكنها ممكن تكون غلط في حين لو الشخص ده أختفى من حياتك.

رحلة عبر الزمنWhere stories live. Discover now