الفصل الأول

3.7K 63 3
                                    


بعد البداية.

❈-❈-❈

المكان حي الجمالية بالقاهرة.
الزمان منتصف يوليو 2022.
ومن المعروف أن هذا الشهر أقصى شهور الصيف حرارة.
فقد كانت الشوارع مكتظة بالناس.
منهم من ذاهب إلى عمله.
وآخر يقف في صف طويل ينتظر دوره لشراء العيش.
كما أن الكثير من الأشخاص يقومون بفتح دكاكينهم مثل البقالة والخضروات والفاكهة وغيرها من الأشياء.
وعلى الجانب الآخر في أحد المنازل التي يتسم سكانها بالثراء نوعا ما
كان منزلا يتكون من عدة طوابق.
الطابق الأرضي به مخزن كبير للعطارة.
ويجاوره دكان الحاج هنداوي للعطارة صاحب ذلك المنزل.
في الدور الأول توجد شقة السيدة سعاد أخت الحاج سعد هنداوي صاحب ذلك المنزل.
فقد تزوجت من ابن عمها وأسر أخيها أن تعيش برفقة زوجها معه في ذلك المنزل.
فهو منزل العائلة.

❈-❈-❈

انتهت السيدة سعاد من إعداد وجبة الفطور.
ألقت بجسدها على أقرب مقعد ثم صاحت بقوة.:
أنت يا صٓبا فينك يا أختي؟
مش قلتي حضري الفطار علشان أنا صحية متأخر أهو الفطار جاهز وسيادتك لسه ما خلصتيش.
صمتت عندما أبصرت زوجها يطوي سجادة الصلاة ثم تحدث بهدوء:
مالك بس يا حاجة عاملة ازعرينا ليه كده على الصبح؟.
لوت شفتيها بغيظ:
مش عارفة والله يا حاج أنت جايب الهدوء دمه كله منين؟
البت بتك تمت التمانية وعشرين سنة وليه قاعدة في أرابيزنا يا أخويا.
والصغيرة جابت عيل واتنين . يعني يرضيك حالها ده !
وكل ما يتقدم لها عريس بترفض من غير ما تشوفه.
كله نصيب يا حاجة. والمكتوب على الجبين تشوفه العين.
أردف بها وهو يجلس قبالتها فوق الأريكة المتواجدة في غرفة المعيشة.
صباح الخير يا ماما. صٓباح الخير يا بابا.
صباح الخير يا أختي. توك ما خلصتي .
تقدمت باتجاه والدها ثم انحنت مقبلة جبينه بعمق واستقامت بجزعها.
استدارت وفعلت المثل مع والدتها التي دفعتها برفق:
اقعدي يا أختي وبلاش كهن وما تفكريش انك بحركاتك دي تخليني اسكت على اللي بيحصل .
زفرت بنفاذ صبر. فيبدو أن موشح كل يوم سيبدأ الآن
لذا لم تجد بدا سوى أن تخرج هاتفها من حقيبة يدها ثم تمتمت بعجالة:
يا لهوي ده أنا اتأخرت خالص! يا دوبك هالحق.
افطروا انتوا بالهنا والشفا وأنا هبقى اخد اي ساندوتش في المستشفى يلا لا إله إلا الله.
ألقت كلماتها دفعة واحدة وانطلقت بخطى واسعة للخارج.
قبل أن تستمع إلى ما لا يعجبها.
ثواني وأغلقت الباب من خلفها تاركة زوجين من الأعيون . يتابعون أثرها باستغراب شديد.

❈-❈-❈


ونذهب إلى الدور الثاني.
حيث يقطن الحاج سعد هنداوي.
الذي انتهى للتو من أداء فريضة الضحى.
ثواني واتجه إلى المطبخ ليعد فنجان قهوته الصباحي بنفسه.
فهو منذ وفاة زوجته الراحلة من عشرة أعوام يفعل أغلب الأشياء لنفسه دون الحاجة لأحد.
دقائق وانتهى من إعداد قهوته.
وضعها فوق المنضدة ثم فتح التسجيل ليصدح صوت عبد الوهاب.
فهي عادة من عاداته الصباحية.
يشرب فنجان قهوته بجانب صوت عبد الوهاب الذي راح يغني.
بلاش تبوسني في عينيا دي البوسة في العين تفرق يمكن في يوم ترجع ليا والقلب حلمه يتحقق.
خلي الوداع من غير قبل علشان يكون عندي أمل وبلاش تبوسني في عينية .
أخذ يرتشف قهوته الصباحية.
تارة يدندن مع الأغنية وتارة أخرى يشرد في ماضيه وزوجته الراحلة.
دقائق أخرى وانتهى من قهوته.
اتجه إلى المطبخ ثم جلا فنجان القهوة ودلف للخارج.
اغلق المسجل ثم شرع في الذهاب لعمله وهو بكامل نشاطه.
من يراه لا يعطيه أكثر من أربعون عاما رغم أنه شارف على الستون من عمره.

في غياهب القدرحيث تعيش القصص. اكتشف الآن