الفصل السابع والثلاثون

1.2K 39 2
                                    


امتنان.

ما مر ذكرك إلا وابتسمت له
كأنك العيد والباقون أيام

أو حام طيفك إلا طرت أتبعه
أنت الحقيقة والجلاس أوهام

(جلال الدين الرومي)

❈-❈-❈

بوجه متجهم وعينين مشتعلتان يسير وهو يطوي الأرض تحت قدميه من شدة الغضب فقد أخبره رؤوف بأنه أحضر المدعو سامي إلى المخزن الخاص به
فتح الباب وولجا بحرص ثم اغلقه من خلفه واستدار هادرا بعنف: يا أهلا وسهلا ده أنت شرفتنا.
هتف سامي المسجي أرضا: انتم مين وعايزين مني إيه؟
دنا منه الحاج سعد وهو يتأمل وجهه المغطى بالكدمات مجيبا إياه بثقة: أنا الحاج سعد هنداوي أكيد طبعا سمعت عني.
أومأ له عدة مرات وغمغمة بخوف: جوز مرات عمي!
ركله بعنف: قصدك طليقته.
تأوه بصوت مرتفع وهو يومئ عدة مرات دليلا على موافقته على حديثه.
فوجه الحاج سعد بصره إلى رؤوف زوج ابنته وشابا آخر يدعى كمال قوي البنية: مين اللي عمل فيه كده؟
هتف كمال بثقة: أنا يا عم الحاج أصله شتمني بأمي وانت عارف بقى اللي يجيب سيرة أمي بتحول عليه.
ربط الحاج سعد فوق منكبه هاتفا بفخر: الله بنور عليك يا كمال يا ابني.
وجه حديثه لرؤوف الذي يشاهد الموقف بابتسامة غريبة سائلا إياه باهتمام: كلمت المحروس أبوه؟
أومأ له عدة مرات مجيبا بثقة: أيوة وهو في الطريق أنا يا دوب قلت له ابنك واخد جرعة مخدرات زيادة وبين الحياة والموت من هنا وهو فضل يولول زي الحريم من هنا ما هو الضنا غالي برضو يا عمي.
هتف الحاج سعد وهو يشير إلى الباب: كمال يبني اطلع استنا وهاتوا هنا من غير شوشرة مش عايزين فضايح.
أومأ الشاب وانطلقا للخارج ينفز حديث ذلك الرجل المحبوب في منطقته من الصغير قبل الكبير.

❈-❈-❈

وما هي إلا دقائق معدودة حتى ولج من الباب رجل في منتصف الخمسينيات من عمره يغزو شعره ولحيته شعيرات بيضاء
شهقة بقوة عندما أبصر جسدا مسجيا فوق الأرض فدنا منه بلهفة يهتف بشدة: سامي ابني.
جلس بجواره على عاقبيه هاتفا بجزع: مين اللي عمل فيك كده يا سامي؟
غمغمة بصوت ضعيف وهو يشير بصعوبة على الرجال الذين يقفون بالقرب منهما
فتلقائيا رفع بصره ليواجههم فهب واقفا عندما تعرف على هوية الحاج سعد وهتف بعنف: انت انت اللي عملت في ابني كده!
توحشت ملامح الحاج سعد ودنا منه ببطء يومئ عدة مرات: أيوة أنا اللي عملت كده ولا أقول لك الحقيقة مش أنا ده واحد من معارفي حب يعلم عليه عشان غلط فيه
عموما يعني مش ده موضوعنا أنا ما كنتش عايز ابنك بس ابنك هو الطعم الوحيد اللي كان هيجيبك لحد عندي.
دب الذعر في خلجاته فهو عرف الآن بأنه سينال عقابه فمن المؤكد أن زوجته أخبرته بما فعله معها.
فتحا فاهه ليتحدث لكنه اغلقه على الفور عندما استمع إلى صوت الحاج سعد الجهوري وهو يهتف: بقى بتمد أيدك على مراتي يا كلب بتستغل ضعفها لكن وديني وما اعبد لاكون جايب لها حقها دلوقتي.
وقبل أن يستوعب الرجل ما يتفوه به الحاج سعد كان قد التف وجهه إلى الجانب الآخر من قوة الصفعة التي وجهها له الحاج سعد
صك على أسنانه بغضب حارق ورمقه بتوعد هاتفا بغل: انت بتمد أيدك عليا!
دنا منه الحاج سعد قابضا على عنقه بقوة وهو يفح من بين أسنانه: وهوريلك اللي عمرك ما شفته عشان تبقى تتجرأ على الحريم تاني يا كلب.
ابتعد عنه عندما شعر بأن تنفسه قد ثقل ثم أشار له وهو يهتف بأمر: اقلع هدومك كلها.
اتسعت حدقتا الرجل في دهشة مغمغما بعدم تصديق: انت بتقول إيه هدوم إيه اللي اقلعها يا راجل انت!
أومأ له بتأكيد هاتفا بعنف: زي ما سمعت اقلع هدومك كلها بمزاجك وإلا هخليهم هما اللي يقلعوك.
وعندما لم يستجيب الحاج متولي لحديثه
أشار إلى المدعو كمال ليدنوا منه
ثواني وامتثل كمال بين يدي الحاج سعد وهو يشهر مضية صغيرة في وجهه مما جعل المدعو متولي يتراجع بذعر وهو يهز رأسه بعنف مغمغما باستسلام: طيب طيب هقـ لع بس خلية يبعد المطوة دي عن وشي.
قهقه الحاج سعد بمرح هاتفا بتسلية: أيوه كده رجاله ما بتجيش غير بالعين الحمرا.
وما هي إلا ثواني حتى تحرر متولي من جميع الثياب التي يرتديها وهو يشعر بالخزي والخجل مما هو عليه
  أشار الحاج سعد بهاتفه يناوله لزوج ابنته وهو يخاطبه بأمر: خد عايزين كم منظر كده للباشا وهو بلبوص عشان لو فكر مجرد التفكير أنه يقرب من مراتي تكون الصور على جميع الموبايلات بتاعة العيال الصغيرة في الشوارع

في غياهب القدرحيث تعيش القصص. اكتشف الآن