الفصل الثاني والثلاثون

1.1K 38 6
                                    


مواجهة 2.

‏قِف عن محاولة الدخول لأضلعي
في أضلعي ما أكثرُ الأمواتِ

قِف عن توسلك الرقيق فأنني
لستُ التي تهتمُ بالكلماتِ

عُد حيث جئتَ وغِب طويلاً سيدي
لا فرق عندي راحلاً أم آتِ

لا تقتفي أثري، سترجعُ خائباً
إن الطريق معقّدُ الخطواتِ

يحتاج شعبيٌ زمان كاملا
كي يلتحق بقوافلِ الملكاتِ

منقول
❈-❈-❈

بكلمات غير مفهومة تغمغم وهي تلج إلى منزلها ضربت الأرض بساقها عندما تذكرت ذلك البغيض فهتفت بعصبية: زبالة مفكرني بت شمال طب وديني لهوريله.
كادت أن تنصرف إلى غرفتها لكنها توقفت على صوت والدتها المندهش: بت يا نور بتكلمي نفسك يا بت الهبلة أنا قلت برضو هي الهبلة هتجيب دكتور!
استدارت وهي ترمقها بعدم تصديق ثم انفجرت بالضحك وهي تهتف من وسط لهاثها: تصدقي بالله المثل ده ينطبق علينا جدا أنا فعلا هبقى دكتورة مش خلاص هدخل كلية الطب كمان كام يوم.
رمقتها والدتها بحدة ثم انحنت وخلعت ما بقدمها فرفعت نور يدها باستسلام: الله! طب أنا قلت حاجة طه مش انت اللي قلتي عموما عادي عادي ما الأبهات بيشتموا عيلهم ويقولوا لهم يا ابن الكـ لب طيب هم العيال ذنبهم ايه ما الأبهات هم اللي بيشـ تموا نفسهم زي ما أنت كده قلت دلوقتي الهبلة هتجيب دكتورة يعني هو أنا كنت اتكلمت ولا كنت اتكلمت؟
أطلقت كلماتها دفعة واحدة ثم ركضت من أمام والدتها لكن سرعان ما أطلقت صرخة مدوية عندما اصطدم خف والدتها بظهرها فاستدارت لها مرة أخرى تلقي لها قبلة في الهواء ومن ثم هتفت بصوت أجش: تسلم أيدك يا سيد المعلمين. أكملت الطريق إلى غرفتها وهي تمسد على ظهرها الذي آلمها قليلا.
أغلقت الباب ومن ثم اتجهت إلى فراشها وألقت بجسدها عليه وهي تحدق في السقف بشرود لكنها سرعان ما جلست مرة أخرى عندما لاحت صورته الجميلة أمام عينيها
ضربت الفراش بقدمها ويدها معا عندما تذكرت وقاحته معها فهبت واقفة وهي تهتف بتوعد: ماشي وديني لاكون وخدة حقي منك تالت ومتلت وهعرفك مين هي نورهان وتقدر تعمل إيه.

❈-❈-❈

انتهت من تمشيط خصلات الصغيرة ثم أمطرتها بوابل من القبلات وهتفت بصدق حقيقي: إيه الجمال ده بس يا لاتين بجد انت زي القمر.
قبلتها لاتين فوق وجنتها وهتفت بصوت طفولي محبب إلى القلب: شكرا يا صَبا انت كمان حلوة قوي.
وجهت بصرها إلى الصبي الذي يجلس فوق الفراش يمسك بهاتفه لكن ما أدهشها بأنه لا ينظر إلى الهاتف بل إنه ينظر إلى نقطة وهمية.
فهبت واقفة واتجهت صوبه ثم جلست بجواره وراحت تمسد فوق خصلاته الفحمية في حنو شديد وتساءلت باهتمام: ليث حبيبي انت سرحان في إيه؟
استفاق من شروده ورمقها بنظرات خاوية مجيبا إياها باختصار: مش سرحان ولا حاجة.
كاد أن يتركها ويذهب لكنها استوقفته وجذبته برفق من ساعده ليجلس بمحاذاتها وهتفت بجدية: ليث انت يا حبيبي مش عاجبني اليومين دول على طول سرحان وأكلتك ضعيفة جدا ده انت حتى ما بقتش بتضحك ولا بتهزر زي زمان إيه اللي حصل لك يا ليث احكي لي يا حبيبي اعتبرني زي مامتك أو بلاش زي مامتك أنا عارفة ان ما فيش حد بيبقى زي الأم اعتبرني أختك.
قاطعها بحزم: انت أحسن منها دي أصلا ما ينفعش تبقى أم أوعي تفتكريني عيل صغير يا صَبا أنا عارف ماما عملت إيه كويس جدا.
فغرت فاهها بعدم تصديق من طريقة حديث الصبي الذي لا يتعدى العشر سنوات كيف له أن يتكلم بكل هذه المرارة وكأنه شابا في الثلاثين من عمره
أطرقت رأسها أرضا فهي لا تعرف ماذا تقول له فيبدو أن ذلك الصبي يعلم أكثر مما ينبغي عليه فهمه.
رفعت رأسها لتتحدث لكنها لم تجده أمامها وكأنه تبخر في الهواء هزت رأسها بقلة حيلة وعزمت على التحدث مع والده لعله يجد حلا لذلك الصبي الذي يبدو أنه تأثر بما فعلته والدته وإن لم يجدوا حلا له بالطبع سيعاني من عقدة نفسية ستلازمه طوال حياته.

في غياهب القدرحيث تعيش القصص. اكتشف الآن