١٨

10K 974 396
                                    

كنت قريبة من بُحيرة أتلفّت حولي، توجست صوت الزمجرة نفسها وعندها أدركت أن لا فائدة من الهرب أكثر، شاهدت جسد يمشي ببطء من بين الأشجار باِتجاهي، هو لا يكلف نفسه عناء الركض حتى، ناركاس سوف يقبض علي، يجب أن أتخيل أسوأ الأمور، لن ينقذني أحد…

"وينتر وينتر، يا له من إسم قوي"

يرتجف المرء لمجرد سماع صوته، هو يقترب وأنا يزيد يقيني بنهايتي.

كنت واقفة في مكاني، لست أعرف ما علي فعله بعد، مهما كنت قوية لن أنجو من شيطان، الجرح في كتفي التأم لكن مازلت أشعر بالألم وجسدي يرتعش مع كل موجة خوف تسري داخلي، ناركاس كان يقترب نحوي ببطء بينما غريزة البقاء تجعلني أرجع للوراء بمحاولة بائسة للهرب من هذا الوضع.

كل تلك الذكريات تعبر داخل عقلي… كما يُقال أن المرء يرى كل مشاهد حياته قبل موته. خلال خطواتي المتقهقرة غاصت قدمي في وحل البحيرة وتعثرت لأسقط فيها وأغرق للأسفل.

كنت أحبس أنفاسي وأنتظر أن أطفو للسطح ولكن شعرت بتحركات ناركاس تحت الماء وهو يغوص للأسفل معي ويلتقطني، كان يسبح أكثر للقاع والهواء يوشك على النفاد مني، هذا الرجل يحاول قتلي…

للحظة شعرت بأني أسقط، كانت رياح عاتية، فتحت عيني بصعوبة وأدركت أن ناركاس يحملني بين ذراعيه ويُسدل أجنحته العريضة السوداء، حطّ على الأرض لتغرق قدميه بالثلج، كنت في حالة ذهول وأنا أحدق في المكان وأرتجف برداً أو خوفاً، لم أستطع التفريق بعد. أين هي الغابة؟ بدى كل شيء لي كأنه خطفي إلى عالم آخر.

كان ناركاس يمشي حافياً يخترق الثلج والرياح إلى قلعة وحيدة سوداء، كلما نظرت حولي أكثر أدرك أن المهرب مستحيل أكثر.

لم أغلّب نفسي بمحاولة التملص منه حتى، هذه فكرة سيئة لأنني الآن على أرضه، هو يعرف كل إنش من هنا بينما أنا مجرّد ضحية، أخذ بي داخل القلعة ونفحني الخوف، شعور سرى بداخلي كمَن خطى في مقبرة، أغلب الأغراض في الداخل كانت طبيعية جداً لكني لاحظت بعض الفراء الأبيض المنتشر في أقمشة الأثاث، وبما أني وصلت إلى هنا لم أعد أعرف إن كان سيقتلني أم لا. كما تقول الروايات هذا المخلوق يتغذى على دماء بني جنسه لذا احتمال أن يستعملني كمخزون للدماء الطازجة.

صعد هو السلالم ومازلت ضحية بين يديه بينما خفّ ارتجافي حادثته بخفوت "هل ستدعني أعيش؟"

ناركاس لم يجبني بل أدخلني غرفة ووضعني أرضاً، كل شيء حولي يبدو كأنه كان لفتاة أخرى عاشت هنا، كانت المياه تقطّر مني وأنا أعانق نفسي وأحدق في وجهه البارد، رفع ذراعيه ومزّق قميصه، عندها تمكنت من رؤية علامة في كتفه، ذئب ضبابيّ، مُطابقة لي تماماً.

تراجعت للخلف بصدمة وشعرت بأن لا أرض تحتي بعد الآن ولم أستطيع دعم نفسي لكنه أمسك ذراعي قبل سقوطي وقال بلا أي تعابير "أنتِ هي المنشودة"

|| وينتر ||حيث تعيش القصص. اكتشف الآن