|٧| هاربة!

72 43 4
                                    

مر يومان على آخر مرة كانا فيها معًا يتشاركان الأحزان، ولم يرها في هذين اليومين ولا مرةً واحدةً حتى، كان يأتي كل يوم ليلًا على أمل أن يرى الحطب المشتعل الذي اعتادت الجلوس أمامه ليلًا للتدفئة، ولكنه كان يعود خابئًا الأمل كما جاء.

لقد اعتاد عليها، وعلى برودها وحماقتها وتنمرها المُتكرر على لدغته وطريقة حديثه، كان يشعر طوال اليومين الماضيين بأن هناك شيئًا ما ينقصه، لمجرد أنه لم يرها فقط ليومين.

حل لَيْل يوم جديد، وخرج كالعادة يسير جِهة خيمتها بِغرض رؤيتها، وسِماع حكايتها التي وعدته أن ترويها له يومًا ما، ولكن لم تسنح الفرصة لها حتى الآن.

انفرجت اساريره وابتسم بِتوسع دون إرادة مِنه حينما لمح النار التي أضاءت جزءً مِن الظلام، واضاءت معها قلبه حينما رآها جالسة أمام النار، تحتضن قِطها وتنظر إلى فرقعات النار الخارجة مِنها بِشرود ربما.

سار بِبطء حتى اقترب مِن مكان جلوسها، قبل أن يتحمحم كعادته دائمًا، وحتى لا تنفجع هيّ " وتلبسه النار في وشه " كما كانت تخبره دومًا.

« يبدو إن أحدهم حزين النهاردة. »
تحدث بِمُزاح، لِتلفت له هي مُبتسمة بِخفة تتحدث بنبرة غريبة:

« أحدهم حزين كل يوم والله مِش النهاردة بس. »

« إيه دا؟ مُوج! أنتِ كُنتِ بتعيطي؟ في إيه مالك! »
تحدث بتفاجؤ عاقدًا حاجبيه حينما لمح لمعة الدموع المتكونة بِعينيها، لِتسحب هي قلنسوتها سريعًا على وجهها كردة فِعل عفوية، مُتحدثة:

« مِش تكح قبل ما تيجي حتى، اديني اشارة أنزل البتاعة دي على وشي! »

« طب على فكرة بقا انا شوفت وشك أكتر مِن مرة يعني، فَـ عادي مِش لازم تنزليها، ولا خايفة أحثدك ( أحسدك ) ولا إيه مش فاهم! »

تحدث مازحًا بِغرض جعلها تبتسم، لِتقهقه بدون نفس هاتفة:

« تحسدني على إيه يا عم! »

استغرب هو جُملتها، ليعقد حاجبيه مُستغربًا قبل أن يتحدث مادحًا:
« لأ أحثدك ( أحسدك ) عادي، إنتِ جميلة على فكرة، بكلمك جد مش بجامل. »

« طب انكتم وخلي لسانك جوه بوقك بدل ما البسلك النار دي في وشك! »

نبست بِنبرة هجومية، ليجلس هو بعيدًا بينما يقهقه بِخفة، مُردفًا باستفزاز:
« يااه، وحشتني النار الِـ عاوزة تلبثيها ( تلبسيها ) في وشي بقالك اثبوع ( اسبوع ) ومش عارفة دي! »

« والله هلبسهالك في وشك بجد إن محترمتش نفسك! »

اردفت بِنفس نبرتها الهجومية التي جعلته يشعر وكأنها لا تطيق وجوده الآن، ليتحدث بِتذمر:

Night Wave | مَوْج ليْلِيUnde poveștirile trăiesc. Descoperă acum