أرض زيكولا : 02

928 21 2
                                    


الحلقة الثانية من رواية ( ارض زيكولا )

كان خالد يظن أنه يتحدث إلى نفسه وحيداً ..
و لم يكن يعلم أن هناك من يسمع حديثه إلى نفسه بصوت عالٍ خارج الحجرة ..
حيث وقف جده مجاوراً لباب الحجرة
يستمع إلى ما حدّث به نفسه ..
و رغم هذا لم تبدُ على وجهه أى دهشة , و كأن ما سمعه من حديثه عن نزوله السرداب أمر لم يمثل له أى اختلاف , بل بدا كأنه أمر توقع حدوثه ..
و ظل واقفاً حتى صمت خالد , و أُغلقت أنوار حجرته , و ساد الهدوء المكان لم يقطعه إلا هذا الصوت المميز الذى يعلمه جيداً حين ينام حفيده ..
*

بعدها غادر متكئاً على عصاه إلى حجرته
حيث جلس صامتاً على أريكته لدقائق
ثم حرك عصاه ليجذب بها صندوقاً خشبياً صغيراً بدا عتيقاً و فتحه , و أخرج منه ( ألبوم ) قديماً للصور غُطى بالكثير من الأتربة .. و بعدما أزاح عنه الأتربة بدأ يقلّب فى صفحاته صفحة تلو الأخرى , و يشاهد ما به من صور .. حتى توقف كثيراً عند إحداها ..

فى اليوم التالى استيقظ كل من خالد و جده مبكراً كما تعودا دائماً .. فخالد لديه عمله المبكر ,
و جده لا ينام بعد صلاة الفجر , و يظل يقرأ فى كتاب الله حتى ينهض خالد فيتناولا إفطارهما سوياً ..

و الذى تعده لهما فتاة تسكن بجوارهما
قد اعتادت على هذا منذ سنوات ..
حتى جلس خالد و كان ينظر إلى جده بين الحين و الآخر و كأنه يريد أن يخبره بشئ ..

حتى قطع صمته , و سأل جده :
- عبدو ( كما كان يحب أن يناديه ) ..
أنت تقدر تعيش لوحدك ؟

فنظر إليه جده .. و أظهر أنه لا يفقه سؤاله :
- أنت عايز تسافر و لا أيه ؟!

صمت خالد .. ثم نظر إليه مجدداً :
- لو سافرت لفترة قليلة .. تقدر تعيش لوحدك ؟ ثم أكمل .. و كأنه يوضح كلامه :
- أنا عارف إن كلامى صدمة ليك ..
بس أنا قررت إنى أسيب البلد لفترة ..
و أقسم لك إنى هرجع فى أسرع وقت ..
و مش هتحس بغيابى .. ثم حاول أن يبرر حديثه :
- أنا هسافر أى مكان ألاقى فيه نفسى ..
أحس فيه بوجودى .. أنت عارف ابن ابنك خريج كلية التجارة بيشتغل أيه ؟
- اه .. شغال فى مخزن أدوية ..
- ابن ابنك شغال شيال فى مخزن أدوية .. شيال ..
هات الكرتونة دى حطها هنا ..
خد الكرتونة دى وديها هناك ..
ثم همّ بالوقوف ليغادر .. و قال لجده :
- هسافر فترة مش طويلة .. ثم التفت خارجاً , حتى أوقفته كلمات جده :

- أنت ليه بتكدب يا خالد ؟! ..
أنت ليه مش عاوز تعرفنى إنك عاوز تنزل السرداب ؟!

كانت تلك الكلمات كالصاعقة التى وُجهت إلى خالد بعدما اختلق رغبته فى السفر لفترة كى لا يعلم جده بذلك , و يظن أنه أُصيب بالجنون ..
و لم يعلم كيف عرف جده بنيته .. فنظر إليه مرتبكاً :

- سرداب ؟! .. أنت عرفت منين ؟!! ..
أقصد سرداب أيه .. و كلام فاضى أيه ..

فأكمل جده :
- عرفت من زمان .. من زمان جداً ..
ثم أمره بالجلوس مجدداً .. و سأله فى جدية :
- أنت عاوز تنزل السرداب ليه ؟

أرضــــــــ زيـــــــّــكَوُلَآWhere stories live. Discover now