أرض زيكولا : 03

527 14 0
                                    


الحلقة الثالثة من رواية ( ارض زيكولا )

كانت الساعة تقترب من السادسة حين تركه العجوز و غادر .. و ترك معه هذا الكتاب الذى تصفحه لأكثر من مرة ..
و مع كل مرة تزداد رغبته فى نزول السرداب ..
يدفعه ذلك الفضول إلى معرفة ما اكتشفه كاتبه ..
يشعر أنه يمتلك سراً من أسرار الزمان ..
و يسأل نفسه ..
هل اكتشف كنوزاً لا حصر لها ؟ ..
هل توجد أثار بالأسفل , و أكون أنا مكتشف القرن الحادى و العشرين ؟ ..
و ظل هائماً فى أحلام اليقظة ..

اقتربت الشمس من المغيب فصعد أعلى بيته ..
و نظر إلى بلدته .. ينظر إلى أراضيها الزراعية ..
و إلى الأشجار العالية , و الطيور التى تزينها ..
ينظر إلى البيوت المجاورة و كأنه يراها لآخر مرة ..
يستنشق نسيم بلده العطر , و يتحدث إليها ..
ربما يكون آخر نهار لى هنا .. اتمنى ألا يكون ..
ثم عاد إلى حجرته ليتم استعداده لرحلته ..

مر الوقت , و دخل الليل , و زُينت السماء بالبدر ..
و ها هو ينتظر حتى يسكن الهدوء البلدة ..
و هو يعلم أنه لن ينتظر كثيراً ..
فعادةً يدب الهدوء بلدته بحلول العاشرة مساءً على الأكثر ..
لا يتأخر بها سوى صديقه دكتور ماجد منير ,
و الذى يغلق صيدليته فى وقت قد يتجاوز الثانية عشر ..
إنه لا يريد أن يراه أحد و هو متجه إلى ذلك البيت المهجور فى أطراف البلدة ..
حتى دقت الساعة الواحدة صباحاً ..
و استعد للرحيل , و نظر إلى جده مبتسماً مودعاً له :
- إن شاء الله هرجع ..
فابتسم جده :
- أكيد هترجع إن شاء الله .. ثم طلب منه أن ينتظر لحظة .. و أخرج الصندوق الخشبى ..
ثم فتحه و أخرج منه (ألبوم) الصور القديم .. فسأله خالد :
- أيه ده ؟!!
فقام جده بتقليب بعض صفحاته ووقف على تلك الصورة التى توقف أمامها من قبل , و تحدّث إليه :
- عارف مين دول ؟
فنظر إليها خالد و مازالت الدهشة تتملكه .. فأكمل جده :
- دى صورة أبوك و أمك ..
كانت آخر صورة لهم قبل ما يسيبونى ..
ثم دمعت عيناه فدمعت عينا خالد هو الآخر ..
و ظل متأملاً بها :
- أول مرة أشوف صورتهم ..
فأكمل جده :- كنت مستنى اليوم ده ..
و فضلت معذب نفسى عشان اليوم ده ..
ثم أعطاه الصورة , و مسح بيده دموعه , و احتضنه ..
فهمس خالد فى أذنه :
- هرجع لك يا عبده .. هرجع .. ثم غادر ..

كان الهدوء يسود البلدة ..
و لم يكن يسير بشوارعها أحد سوى خالد
و الذى كان يحمل حقيبة كتفه , و ما بها من طعام يكفيه لعدة أيام , و مصباح للإنارة , و الكتاب الذى أعطاه له العجوز ,
و بعض الأوراق و الأقلام , اعتقاد منه أن هناك ما قد يحتاج لتدوينه ..
و قد وجد عدم حاجته لـ (كاميرا ) تصوير
فوجود هاتفه الخليوى يغنيه عنها ..
كان يسير مسرعاً إلى أطراف البلدة
حيث ذلك البيت المهجور ..
و ما إن اقترب منه و من سوره العالى
حتى عزم على تجاوز ذلك السور ..

أما جده فكان يجلس وحيداً يقرأ فى كتاب الله ,
و يدعو ربه أن يعود به سالماً ..
حتى سمع طرقات على باب بيته ..
و قد ظن أن خالد عاد من جديد ..
و ما إن قام ليفتح الباب حتى وجد منى فى وجهه ..
و قد اندهش حين وجدها أمامه
فى ذلك الوقت المتأخر من الليل .. حتى سألته :
- فين خالد .. ؟!! و مش بيرد على تليفونه ليه ؟!
رد جده :- ليه ؟!
أجابت منى فى فرحة :
- خلاص يا جدو .. قدرت أقنع بابا إننا نتجوز أنا وخالد ..
و مش قادرة استنى للصبح عشان أقوله ..
خايفة يكون لسة زعلان من الصبح ..
فابتسم العجوز ثم صمت ..

أرضــــــــ زيـــــــّــكَوُلَآWhere stories live. Discover now