"الفصل السابع"

345 29 26
                                    

رمضان شهر بيجي علينا كُل سنة مرة،
وياعالم هنبقى موجودين لما يجي المرة الجاية ولا لا،
فـ ليه اللستة بتاعتك تكُون مليانة مُسلسلات ومقضينها نُوم عشان ماتحسش بتعب الصيام وكده ياسيدي ضيعت عليك الثواب الكبير اللي هتاخدُه..!

لو على المُسلسل اللي شدك وعاوز تتفرج عليه، مُمكن عادي تأجله 30 يوم بس تغتنم فيهُم الشهر صح وتبقى واحد من اللي ربنا هيعتقُه من النار.. والمُسلسل هتلاقيه بيتعاد تاني على كُل القنوات طول السنة لحد ما تزهق، إنما رمضان مش مُسلسل، ومش بيتعاد طول السنة.

رمضان مش شهر المُسلسلات..
رمضان شهر العِبادة ♡.

كُل عام وانتم بخير.

❈-❈-❈

_يعني إيه يادكتور اللي حضرتك بتقوله دا!.. أنا حاسة إن دماغي وقفت ومش قادرة أصدق.. دا كان صُداع عادي بيحصل لأي حد، إزاي كانسر.. دا..دا أكيد الأشعة دي غلط.!!

_دي مشيئة ربنا ومافيش إعتراض على قضاءُه يابنتي.. وزي ما واضح قُدامي في الأشعة إن الورم بيكبر في دماغك بسرعة معَ الأسف، ويادوب نلحق نبدأ رِحلة العلاج الكيماوي قبل ما الأمور تُخرج عن السيطرة.

مرَّت هذهِ المُحادثة السريعة الَّتي كانت بينها وبين الطبيبُ يوم أمس أمامَ عينيها وهي تقفُ أمام المِرآة المُتواجِدة في المِرحاض تنظُر لوجهها الشاحب الَّذي بدا وكأن الدِماء إختفت منه تمامًا، وهذا كان حالهِ منذُ أن علِمت بمرضِها الخبيث، وهُناك أسئلة كثيرة تدورُ في جُمجمتِها حول طبيعة العلاج الَّذي ستتلقاه، من شدة صدمتِها خرجت من العيادة دون أن تسأل الطبيب وتستفسر، ومازالت للآن لا تُصدق الأمر، سرطان وأشياء لم تتخيلها يومًا، وبالطبع ستتساقطُ خُصلاتِها الَّتي تُحبها كما ترى في شاشة التِلفاز وسيكونُ شكلها قبيحًا ولن يُحبها أحد، أغمضت عينيها لثوانٍ تتخيلُ شكلها الَّذي ستكونُ عليهِ بعد مُدة، فامتعضت ملامِحها وتكونت الدمُوعُ في مقلتيها لتسقُط على طول وجنتيها، وسقط جسدها معها أرضًا وهي تبكي بحُرقة مُتمتمة..:

_لــــــيـه يارب.. لـــيـه أنا.!

أنهت قولها تُمسك رأسها بقُوة من الوجع الَّذي إشتد فجأةً بها تُطلق صرخة كبيرة مُتألِّمة، ونهضت من على الأرضية بصعوبة وهرولت خارِج المرحاض، واتجهت نحو الدرج المُلتصق بفراشها، وأخذت تبحثُ داخُلهُ بهمجية عن شيئٍ يُخدر الوجع، وفورما وقعت عيناها على كيسٍ صغير أبيض شفاف بداخلهِ مادة بيضاء تُشبه الدقيق، إلتقطتهُ بسرعة وفرغتهُ على سطح الدرج بلهفة، وإنحنت برأسها وأخذت تستنشق المادة بشراهة، وبعد دقيقة إعتدلت جالسة بإنهاك، وأغمضت عيناها تُحك أنفها بإصبعها وشعور الراحة التامة يتسلل لأوصالِها شيئًا فشيئًا.

❈-❈-❈

خرج يُونس من المنزل، وسار مُتجهًا نحو المحل وهو يلقي السلام على كُل من يقابلهُ في الطريق ببسمة واسعة لا يعلمُ سببها إلا سواه، وأخذ يتأمَّلُ الزينة الَّتي ملئت الشارع بأعينٍ ظهرت فيها بهجتهِ برؤيتها تتطايرُ بفعل الهواء وتعطي للمكان أجواء رمضانية دافئِة، وقد وقف في منتصف الطريق مُلتفِتًا خلفهُ عندما سمِع صوت إمرأة تهتِفُ بإسمه وتطُل من نافِذة منزل قديم أوشك على الهلاك، فعاد بعد خطواتٍ للوراء ووقف أمام النافِذة يستندُ بذراعهِ عليها مُتحدثًا بنبرة عابثة..:

"ليْتها تعلم" Where stories live. Discover now