3 || أُسامة

20 5 7
                                    

دَّق ناقوس الخَطر، الأَبواق أَخذتْ بِالهدير بِقوةً؛ معلنة وصول العريس، جَفلتُ على الضجة الكبيرة حولي وصرخاتِ المُراهقات أنَّ الموعد قد حان.

كان الأمر حماسيًّا كثيرًا، وَلكوني لَم أَستطع حضور زفافٍ سعوديٍّ تقليديِّ مُنذ زمن طويل، كُنت سعيدة بِالأجواء مُحاولةً شغلُ عقلي بعيد عن كون والدي هو مَن سَيتزوجُ.

- "سأكون بِالجوار عزيزتي، إنه موعد عقد القِران ورجالُ العائلةِ وأبيـ_... العريس هم فقط من سيدلفون؛ لذا، لا حرج عليك بِعدمُ التغطيةِ ".

تحدثت السيدة زهراء مِن جانبي، وما كدّتُ أن أجيبها حتى استمعتُ لِصوت عمتي المرتفع جعلنِّي أتقدم خطوتين إلى الأمام بِهلع، كانت ولمفاجئتي تقف خلفِنا تمامًا، ومِن الواضح أنها اَستمعت للحديث لأَنها تحدثتْ بِعصبية وصوتٌ قويِّ مُجلجل تُمارس دور الحماةُ بِاحترافيةٍ، وكأنها جدتي:

"ماذا، بِماذا تهذين يا زهراء؟، إنها غريبة عنا، احفظي أمانةِ أهلها وصوني عرضها فهي ضيفتكِ ... هيا عزيزتي أعبائتكِ تلك؟، أَرتديها هيّا".

ألبستني إياها بسرعة وقوة شديدة، لأطُمس مَظاهر حِلتي وَتبرجيِّ، ولكنيّ لَم أهتم كثيرًا غير مِبالية كوني الوحيدة التي اِرتدت عباءتها بين كل نساء القاعة.

فُتِح الباب ودخل الرجال الذين كانوا كثير كما توقعت، الضجة عَمت كُلَّ شيءِ، والأضواء أَصبحت مُظلمةً أكثر عن ذي قبل، ولكن لا يزال واضحًا كوني الوحيدة المرتدية للعباءة.

وجدتُ الفرصة سَنحت ليِّ، أُقطع الطريق القصير بيني وَوالدتي التي كانت لا تَزال تجلس فِي مكانها، وكأنها تنتظرني.

بِتُّوتر شديد جلستُ جانبها وَقلبي أخذ يطرق بِهستيريةً، بِلا خجل أَخذت أُراقب ملامحها عن قرب، كانت تنظر للأمام متجاهلتنيّ، ولكني دققتُ النظر بِوجههَا الذي فقد بريقه الجميل، وتلك الخطوط غير المتساوية التي تسللت إلى بشرتها البيضاء كأنها داءٍ خطير، وأيضًا فمُها المتقوس في عبوس، لَم تكُن مبتسمةً كما عهدتها ..

- "هُنا ليس مكانكِ، أنتِ تنتمينَ للمأدبةِ، ولا أرى فِي مجيئكِ سوي وقاحةً وتعدي على العِائلة، لكني لا عُدتُ أهتم فإذَا زهراء مَن حملت مسؤوليتكِ أنا لا أهتم لِتشتعلي معها".

بِبطء وهدوء شديدين تحدثت وهي لا تزال تنظر إلى الأمام مُبتسمة لِلأشخاص بِبرود، وما كان مني سوى إطلاق تنهيدة مختنقة، ثم قَلتُ بعد دقائق قليلة :

"كان بِإمكانكم إخراجي مِن هذا المركز اللعين مِن اليوم الثاني ليِّ هناك، لديكم أموال كما أرى، حتى إن لم يكن أبي يريد، ولكن أنتِ .. إننيّ أبنتكِ الوحيدة_..."

- "ماتت".

نظرت لها بخيبة، لِترادف وهي تنظر ليِّ بِقسوةً :

خريجة المأدبة | Novellaحيث تعيش القصص. اكتشف الآن