4 || مِن جديد

18 4 0
                                    

ها قد وَقفتُ أمامه مِن جديد، حيثُ كُنت أَنتميَّ.

الهدوء يُحيط بيّ، لا أحد يجرؤ والتحدث، حتى أصوات الموسيقى الصاخبة تبدو وكأنها تَبددت، الأجواءِ مَشحونة بِالتُّوتر وَالِانتظار، مَن يبدأ بِالحديث أولًا؟.

أنظر حولي في تَهربٌ، الظلالِ الطويلةُ تتلاشي فِي ضباب الأضواء المظلمة، أَشعر بِنسمة هواء باردة تُداعبني، تعبثُ بِشعري وكيانيّ ودواخليّ، أتنفسُ عميقًا عسى ألا تخرج تلِك الشهقةِ البكاءةِ منيِّ وأنا أنظر له، مُجددًا.

- "غيداء، هيّا الإفطار جاهز". صدح صوت فتاة من العدم، لينتشلني حيثما ذهبتُ بعيدًا، وعدت للواقع بشهقةً مُرتفعةً انطلقت مُعاكسةً لالتي منعتها مِن الخروج قبلًا.

- "بسم ﷲ عليكِ يا آنستي، هل تُعانينَ مِن كابوسًا ما، وجهكِ مُتعرق وبشرتكِ شاحبةً بِشدة!".

قطبتُ جبيني بعدم فهم، لم استساغ حديثها، فأنا كنتُ واقفة حيثُ هو، حيث عمتي زهراء وَبِلال الغليظ. أين أنا، ومَن تلك؟.

أيُعقل أن كُلَّ ما رأيت، وهمًا، سرابًا من صنع عقلي البائس الذي مل وسئم جلوسه بين جدران العذاب تلِك دون سؤال صغير مِن عائلتي عني، بالتأكيد ليست تلك السويعات حلمًا، سَأفقدُ عقليّ إنَّ كانت كذلكَ.

نظرتُ لِلفتاة أستوضح ملامحها التي لم تَبدُ مألوفةً لي ولو قليلًا، وهذا يَثير فِي نفسي القلق والخوف، قرأتْ ملامحي فَهمهمت تَبتعد شاعرةً بهالتي الهلعة :

"لا تقلقي يا آنستي، أنَا آمنةً العاملة بِالمنزل هُنا، منزل السيد المعتصم بِاللّٰه زوج السيدةُ زهراء".

أطلقتُ نَفسًا مُرتاحًا، أُجليّ حنجرتي مِن ظمأ نومي قائلةً لها :

"أيمكنكِ رُشدي حيثُ المرحاض لُطفًا؟، وَبعدها سأذهبُ لِمأدبةِ الفطور".

أومأت ليّ بِابتسامة استنكرتها قليلًا، تتنحي ليّ جانبا لكي أَتقدم وَترشدني هي مِن الجانب بشكل لائق، أحسست أنني سيدة القصرُ أو ما شابه.

ولكن لا شعوريًا ورغم عني، لم أستطع إلا التفكير في أحداثِ أمسُ، وكوني حَلمتُ بها مئاتِ المرات فِي سويعاتِ نومي القليلة، ابتداءٍ مِن خروجي من المأدبةِ، لِمقابلتي له.

ذلك الذي كان نقطة بدايةُ كل شيء، وأنا أخشىٰ أن يكون نهايتها كذلك.

وصلتُ لِلمرحاض الذي كان قريب مِن باب الغرفة التي لا أعلم كيف وصلتُ لها، كنت كالسكري أمس فلا أستطيع التذكر حقًا غير أن السيدة زهراء أصرت على مجيئي البيات عندها، ليلةً فقط ومع أنها تُريدني الإقامة أكثر، ولكن لدي كبرياء لم يسمح لي بالقبول أبدًّا .

عللتْ أنَّ أبي لن يَعرف كونه مُنشغل بِزوجته الجديدة التي تحتل المرتبة الثالثة الآن، ولكني متأكدةً أنَّ الخبر سَيصل له لا محال، لِكون منزل السيدة زهراء الذي ابتاعه لها والدي بعيد بشارع عن منزل العائلة، آي أنني لم أخطئ لِمنزلي بعد.

خريجة المأدبة | Novellaحيث تعيش القصص. اكتشف الآن