7 || العائلة

11 3 0
                                    

في ضواحي لندن مدينة الضَّباب علمتُ أشياء كثيرة، أكثر من أن يتصوَّرها عقلٍ بشري في يومنا هذا، البداية كانت عِندما تعرفت على أحد المجانين.

نَعم كان أحد المرضى الذي مِن المفترض عليِّ علاجهم والتدريب عليهم حتى أثبتُ نَفسي في المجتمع النفْسيُّ.

كان مريضٌ عجيبٌ، لم أرَ مثله أبدَا ولا سَأري في حياتي. كان عاقل، أعقل مني ومِن مدير المستشفى التي كنت أتدرب بها، يتحدث ويحتسي الشاي يبتسم ويتعامل مع العالم الخارجي بِطيبةً وطباع حنونة، كان كل شيء كل شيء به يوضح كم هو شخص لا يلائمه أبدًّا الوجود فِي مصحةً عقلية يجتمع بها فاقدي العقول.

ولكن كان هُناك خطب به، وأنا علمته في آخر سنة ليِّ هناك، اكتشفتُ بِالمصادفة كونه مؤمن بِمعتقد توأم الروح، وواثق تمام الثقة أن هناك فتاة ما أو سيدةً تنتظره لأنه نِصفها الآخر.

حاولت معه كثيرًا، قلت إنه هناك شابة أو سيدة يمكنه تزوجها لتصبح نصفه الأخر، ويكون القدر أن يجتمعا معًا ولكنه لم يستسَغ حديثي مُرددًا قوله الشهير :

"التوأم الروحية حقيقة وخطيرة، إنهم يمتلكون القدرة على إعادتك من حافة الموت أو تمزيق روحك إلى النصف.

ويمكنهم جعلك تشعرين بكل السعادة التي اجتمعت بالدنيا، وبإمكانهم أيضًا جعلك تشعرين بالفراغ والحزن العميقين جدًّا، أنهم أفضل من أيِّ زوجةً عابرةً".

لم أصدقه حينها، لكني كنت أشاهده فقط بِشفقة، عقيدته وحديثه، كان يؤمن بهما كثيرًا، حتى جاء اليوم الذي جعلني أدرك كم هو خطر وكم أن أمره جديٌّ.

اكتشفتُ أنه من أشهر العلماء لِلدراسات النفسية المتعلقة بِالبشر والمخلوقات الأخرى حيوانات كانت أو نباتات، كان قدوةً أقتدي بها حينئذ.

أثار في نفسي الشفقة أكثر والقشعريرة مِن كوني ممكن أن أُجن مثله وأتمسك في نظريةً خاطئة رافضةً التنحي عن كونها غير صحيحة أبدًا.

بحثتُ عن ماضيه بدافع الفضول والاقتداء، ووجدت ما جعلني أُذهل، فهو أنشأ طائفةً كاملة من العلماء والمثقفين يهاتفهون بِكون توأم الروح حقيقي، وهكذا اكتشفت سر دخوله إلى المصحة العقلية.

بالفعل كانت هناك تلك الطائفة ولكنها سرية، يقودها رؤساء دول وملوك، ولكن لا يجترئ أحدهم على الظهور في العلن، على قول حقيقة كحقيقة التوأم الروحية.

ظل هذا الموضوع يدور حول رأسي بتعجب وعدم تصديق حقيقته، ولكنه جاء في السنة الأخيرة ليِّ بالتدريب ليجعلني أُدهش كون مريضي على حق، فشعرت عندها أنه هو، أسامة توأم روحي ونصفي الآخر.

كنتُ أنا وأسامة مثلما قلتُ سابقًا، في حكم الخطيبين وكنا أصدقاء كذلك، غبت عنه سنوات طويلة أدرس بِـجد واجتهاد أترقى في كل المناصب في مركزي بِبريطانيا.

You've reached the end of published parts.

⏰ Last updated: May 25 ⏰

Add this story to your Library to get notified about new parts!

خريجة المأدبة | NovellaWhere stories live. Discover now