5 || حياة غير عادلة

10 2 0
                                    

هل تذكرون عندما قال بلال لي إنَّ السيارة بنفسها نجِت مِن الحادث، وغيداء لا، أيِّ أنا.

كان يَقصد كُل حرف تفوه به، فلاحقًا اكتشفتُ صدقه، والمعاني المختلقة وراء حديثه.

بدايةً من هروعي إلى النافذة كي أرى أُسامة ولا أجد له أثرًا، إلى لحظتي تلك واقفة أمام السيارة مُتصنمةً بِذهول مِما آلت إليه أُمورها.

السيدة زهراء أخبرتني أنها أمرت العامل بأخذِ سيارتي من المرآبُ-موقفِ السَّيَّارت - الخاصِ بِالعائلة، أتى بها ورأيتُ عزيزتي التي لم أرها منذ خمسِ سنواتٍ كاملة.

كانت بِلونها الأبيض الناصع، وليست ناصعة بل صُبِغت بِاصماغٍ حمراء، صُمِغت بالدماء.
ومِن المفترض أنه مُدعٍ أنَّ تلك الدماء تعود ليِّ أنا.

رعشةً غريبة اجتاحتني، والشعور بالاشمئزاز والإعياء حاوطوني عِند رؤيتي لها.

مهما كان إثمي أو ذنبي أو أيًا يكون، ليْس مِن حقهِم فعلا هذا، ليْس مِن حق والديَّ فعل هذا بي.

وببساطةً، بكيتُ.

ولم أتذكر المرةِ الأخيرة التي بكيتُ بها، كانت قبل خمسِ سنوات أيضًا، في اليوم الأول ليَّ بِذاك المركز، ولكني بعدها تعاهدت على ألا أبكي مُجددًا وأصبح تلك المرأة القوية الصلبة الحديدية.

ولكني بكيتُ، بكيتُ بِشهقاتٍ مُرتفعة، أجثو على الأرض أمام سيارتي الملوثة بالدماء، وكل شهقةً تخرج مني أشعر وكأن شيئًا ما داخلي ينقطع، إلى الأبد.

الحمد لله كوني في خَلفية المنزل حيْث لا أحد يسمع صوت شهقاتي، لا أحد يَسمع لعناتي على والديَّ، لا أحد يَرى ضعفي.

ولكني كنت متأخرةً بِظني هذا، حيْث كانت تقف هُناك، لا أستطيع استبانةِ تعابيرها، ولكني عَرفتُها شكلًا على الرغم من أنَّي لم أعرفها اسمًا بعد.

سخرتُ فِي نفسي على وضعي، ها أنَا في اليوم التالي ليِّ هُنا، أمام تِلك الفتاة المراهقة التي لا شك أنها تكرهني، والآن تحديدًا مع الذكريات المتدفقة في عقلي برؤيةِ السيَّارة التي أعتدتُ رؤيتها بأفضل حِلتها، لم أكُن بحالة جيدةً لِسماع الذمُ أو حتى رؤية تعابير أمقتها أكثر ... الشفقةِ.

وقفتُ بِوهان، أترنح يمنة ويسرة، وما كدتُ أن أسقط حقًا على يساري، حتى وجدت نفسي مستندةً على ذراعيها أعتدلُ في وقفتي وانظر لها بِلا تعابير.
ثلاثون عامًا وتبكين أمامِ مراهقة يمكن أن تكون لم تكمل الثامنة عشرةِ حتى، يال العار عليكِ يا غيداء، أنتِ لستِ ناضجةً أنتِ طفلةً.

وبخت نفسي.

وبختها بشدة، شهقاتي تخافضت وهي لا تزال تنظر ليِّ دون تعابير مُحددة مقروءة على وجهها -الذي كان حقٌ جميل، مثل وجهي- ، مما جعلني ولمرتي الأولى أفشل في قراءة ِأحدهم.

خريجة المأدبة | NovellaWhere stories live. Discover now