الفصل الأول

147 15 25
                                    

"عندما تبتسم لنا الحياة فجأة، فهذا إن دل فهو يدل على عاصفة من المُفاجأت الصادمة أوشكت على الاقتراب بل والقضاء علينا بلا شك.."

صوت رُصاص قوي يسبقهُ أصوات عالية، أشخاص غارقين في دمائهم، صورة مشوشة، باهتة، لا يظهر منها أي شيء معاد تلك الأصوات العالية نوعًا ما..
فتحت عيناها التي تُشبه لون القهوة في روعتها وهي تتصبب عرقًا، وعلامات التعجب على وجهها، فذاك الحُلم يراودها مُنذ سنوات عديدة، يوميًا تسمع تلك الأصوات والصور الباهتة، ولا تعلم لماذا؟
عقلها سيجن؛ ولكن كالعادة لا تصل إلى أي أجوبة!
تنهدت بيأس وهي تهبط من فراشها متوسط الحجم، ثم دلفت إلى خارج الغرفة تبحث عن والدتُها الحنونة فرأتُها تخرج من المطبخ ببتسامة مُشرقة تبدلت عندما رأت ملامح ابنتُها المضطربة فتقدمت منها بحنان:
_صباح الخير يا خلود، مالك يا حبيبتي؟

رفعت نظرها دون حديث بينما أكملت والدتُها قائلة:_شوفتِ نفس الحلم تاني صح!
أمأت خلود برأسها عدة مرات مرددة :_ أيوة يا ماما، ولحد دلوقتِ مش عارفة الكابوس ده ملازمني ليه حقيقي هتجنن..

ابتسمت والدتُها "سارة" بحنان ربطت على كتفاها قائلة:
_خير يا حبيبتي، حاولي ما تفكريش فيه وروحي صلي يلا على ما أحضرلك الفطار..

أمأت رأسها ببتسامة باهتة وعندما أوشكت على الذهاب رأت والدها يخرج من غرفتهُ فاتسعت ابتسامتُها وتقدمت منه بمرح:
_صباح الخير على أعظم دكتور في حياتي.

وضع يده على كتفاها بحنان مرددًا:_صباح الهنا يا بكاشة هانم، مستعدة لأول يوم تدريب؟
تنهدت بحماس فاليوم سوف تبدأ تدريب وأخيرًا بعد العديد من المحاولات مع والدها لكي يوافق:
_طبعًا يا دكتور، هروح بس الكلية علشان عندي محاضرة مُهمة وهحصلك على المستشفى على طول..
ابتسـم على حماسها هاتفًا:
_ماشي يا دكتورة..

"خلود فتاة ذات ملامح هادئة وبسيطة، فهي تمتلك عينان بلون القهوة وبشرة برونزية الون، ذات جسد متناسق، وشعر طويل بلون الأسود ولكنها تُخفيهُ خلف حجابها الذي يزيدها جمالًا، في عامها السادس في كلية الطب، فهي أرادت أن تكون طبيبة مُجتهدة كوالدها سالم الدكتور الجراحي المعروف، والذي يحب ابنتهُ كثيرًا فهو لا يمتلك غيرها.."

بعد أن انتهت خلود من ارتداء ملابسها، أدت فريضتها وقامت بالافطار مع عائلتُها الصغيرة في جو من البهجة والمرح الذي يحاول سالم بقوة أن يحافظ عليه ولكن هيهات فدائمًا تأتي الرياح بما لا تشتهي السُفن، توجهت مباشرةً نحو جامعتُها، أو بالأصح إلى صديقتها التي ستقتلها حتمًا؛ فلقد تأخرت عليها كالعادة..

بعد أن أغلقت خلود الباب خلفها ظلت سارة تنظر في طيفها بشرود ثم تنهدت ووجهت نظرها لسالم مرددة:
_تفتكر هيجي يوم وخلود ما تدخلش من الباب ده وتختفي من حياتنا..
ترك سالم الجريدة من يده وظهر الحزن واضحًا على معالم وجهه وهو يردف بتمني:_اتمنى ما يجيش اليوم ده، بس مش بإيدينا يا سارة!
هبطت دمعة حزينة من مقلتيها بينما نهض سالم بعد أن مسح على وجهه وأمسك حقيبته ومفاتيح وهاتفهُ ثم قبل جبينها قائلًا:
_أنا همشي علشان الشغل..
أمأت برأسها دون أي حديث فقد ظلت مكانها شاردة فيما سيحدث في الأيام المقبلة والذي عاجلًا ومهما دارت السنوات سوف يأتي اليوم الذي تخاف منه وبشدة!

رواية سر خفي الجزء الأولWo Geschichten leben. Entdecke jetzt