الفصل الثاني

3.1K 303 129
                                    


الفصل الثاني

أُخذت على حين غُرة عندما التقت به قبيل الصدفة في آخر مكانٍ ظنت أنه سيتواجد به، كانت هيئته بالزي العسكري الرسمي مغايرة لهذه المرة الوحيدة التي تشاجرت معه فيها، بَهر نظرها بحضوره الطاغي، وشخصيته القوية، استفاقت من صدمتها اللحظية لتجده يحدجها بنظرات قاتمة متوعدة، لا تنوي خيرًا، ومع ذلك تسلحت بشجاعتها لتواجهه، وكأنها لم تقترف شيئًا أضر به. انتصبت في وقفتها تسأله في تحفزٍ:

-إنت عاوز مننا إيه؟

على عكسها كانت "بسنت" ترتجف خوفًا من ردة فعله العنيفة نحوهما، وما عزز من ذلك الشعور المرتعب هو مظهره الرسمي الذي يوحي بسُلطةٍ مطلقة. ظلت مرتكزة بناظريها عليه عندما تكلم في حنقٍ:

-أنا مانستش اللي عملتيه معايا.

حادت "بهاء" ببصرها عنه، وردت باستعلاءٍ:

-مكونتش إنت المقصود.

اغتاظ من برودها المستفز، وسألها في توبيخ:

-والمفروض إنتي كده بتعتذري عن غلطك؟

تضايقت من نظرته إليها، ومع ذلك عللت له أسبابها بنفس الهدوء المزعج:

-أي واحدة مكاني طبيعي تتصرف بالشكل ده لما يكون الإنسان اللي هي مرتبطة بيه بيشتغلها، أو بيحور عليها، ولا حتى آ...

قاطعها متسائلًا في شيءٍ من التعنيف:

-وإنتي بقى متعودة تهجمي على الناس كده بجهل؟

كلمته الأخيرة أغاظتها، فهتفت مدافعة بتحدٍ، وكأنها تناطحه الرأس بالرأس، وإصبعها يلوح في الهواء:

-لأ، بس الخونة ومعدومين الضمير بيشوفوا مني العين الحمرة.

عقد حاجبيه معقبًا على عبارتها:

-بس مسيرك تقعي مع واحد يربيكي.

اشتعل وجهها بحمرة الغضب، وهتفت في حمئةٍ:

-محدش يقدر يمسني، أنا ما بسكتش عن حقي.

تعلقت "بسنت" بذراع رفيقتها محاولة تهدئتها دون كلامٍ، خاصة مع رؤيتها لاحتدام الموقف بينهما، في حين استطرد "عمر" مهددًا إياها:

-عمومًا اللي زيك خسارة الكلام معاه.

تضرج وجهها بحمرة شديدة، فحول عينيه عنها عندما جاء أحدهم ليخاطبه في لهجة مليئة بالاحترام:

-باشا، أسف لو هقاطعك، بس في موضوع آ...

انشغل عنهما للحظةٍ، فاستغلت "بسنت" الفرصة لتهمس إلى رفيقتها بصوتٍ مرتجف:

-بقولك إيه؟ يالا نجري أوام منه.

همت بالاعتراض عليها قائلة بصوتٍ خفيض لكنه شبه منفعل:

ضبط وإحضار - قيد الكتابةWhere stories live. Discover now