الفصل السادس

2.8K 289 163
                                    


الفصل السادس

في لمح البصر تحولت من ضحية مجني عليها، إلى مُدانة ومتهمة بالمشاركة في إحداث الشغب بالمعسكر التدريبي، جمدتها الصدمة، وحين استوعبت ما يحدث وجدت "عمر" قد ابتعد عن محيط المكان، وأفراد الشرطة العسكرية قد أحاطت بالجميع من كل اتجاه، ليقوموا بعدها باقتياد أصحاب المشاجرة نحو المبنى الخاص بالضباط والقيادات العسكرية للتحقيق معهم. اعترضت "بهاء" على مسألة اعتقالها هي ورفيقتها بلا وجه حق، ورفضت التحرك أو التجاوب مع أي منهم، لتظل باقية في مكانها.

رفعت من نبرتها المستهجنة مدافعة بقوةٍ عن موقفها البريء:

-احنا معملناش حاجة علشان نتاخد كده في الرجلين.

رد عليها الضابط العسكري في نبرة هادئة لكنها رسمية:

-يا أستاذة من فضلك تعالي معانا، بلاش تصعبي الموضوع عليكي وعلينا.

تشبثت برأيها العنيد أكثر، وهتفت بتصميم:

-اللي بيحصل ده فيه تعنت وظلم، ومن حقنا ما نسكتش عنه.

تحير الضابط في شأنها، وحاول التعامل مع عنادها بالحكمة وضبط النفس لإقناعها بالعدول عن قرارها، فطلب منها بنفس الصوت الهادئ:

-تقدري تقولي كل الكلام ده في التحقيق يا أستاذة، ولو صاحبة حق أكيد هيرجعلك.

توسلت "بسنت" إلى رفيقتها لتتراجع عن رأيها هامسة:

-بلاش معاندة يا "بيبو"، الموضوع شكله جد مش هزار، وخلينا نقول اللي حصل، احنا كده كده مضطرين نروح معاهم.

تجهمت تعبيرات وجهها وهي تنظر تجاهها، لتقول بعدما رضخت أمام رجاواتها البارزة في عينيها المرتاعتين:

-ماشي، علشان خاطرك بس.

ابتسمت لها في امتنانٍ، لتتحرك الاثنتان بعدئذ في الطريق المؤدي إلى ذلك المبنى، و"بهاء" تحاول جاهدة التحامل على نفسها، وعدم إظهار تألمها من إصابة قدمها الموجعة، لهذا كانت تعرج قليلًا في خطواتها. التقطت عيناها وهي تسير تلك الكاميرات المعلقة في كل زاوية، فتيقنت أن دليل براءتها لابد أن يكون مسجلًا بالكامل.

...............................................

بضعة درجات رخامية صعدتها على مهلٍ حينما بلغت هذا المبنى وهي مستندة على ذراع رفيقتها، نظرة خاطفة طافت بها على هيئة المبنى الخارجية، كان مكونًا من عدة طوابق، ومطليًا باللون البيج الفاقع، مما أوحى لها أنه تم طلائه حديثًا، وعندما ولجت إلى بهو الاستقبال وجدته مرتبًا ومنظمًا للغاية، وفي كل ركن وُضع أصيص من الزرع، لإضفاء بعض الخضرة على المكان، أما في جهة اليمين وُجد مكتبًا رخاميًا للاستعلام، وفي مواجهته تناثرت عدة مقاعد معدنية مخصصة للانتظار.

ضبط وإحضار - قيد الكتابةDonde viven las historias. Descúbrelo ahora