الفصل الثالث

2.8K 285 137
                                    


قراءة ممتعة

>>>>>>


الفصل الثالث

حينما نامت في ميعادها، غطت في نومٍ عميق، فكان حلمها حافلًا بالكثير والكثير من الأحداث المتداخلة، لم تستطع تذكر أيًا من تفاصيله سوى ذلك الجزء الذي تضمن وجوده فيه، حيث كانت تقف في نفس المكان بالنادي المزدحم، وتقذفه وسط الحضور بالبيض وهي تضحك في سخرية صريحة، وإذ فجـــأة انطلق مندفعًا تجاهها كالثور الهائج، فهرولت ركضًا لتفر من أمامه؛ لكن خطواتها كانت تتثاقل رويدًا رويدًا كلما حاولت الابتعاد عنه.

لم تستطع "بهاء" الصراخ عندما أمسك بذراعها، استدارت لتلكمه في وجهه، فأمسك بقبضتها قبل أن تصل إليه، ليقوم بتقييد حركتها، فأصبحت غير قادرة على الفكاك من بطشه الأكيد، وعندما فتحت فمها لتصرخ مستغيثة بأحدهم وجدته يسده ببيضة مسلوقة، لتنحشر أنفاسها وتسعل في صدمة أعجب، ثم رأت ذراعه تلتف حول خصرها ليرفع جسدها عن الأرضية، ويلقي بها على كتفه، ثم سار حاملًا إياها نحو منطقة مجهولة وهي تحاول مضغ وابتلاع البيضة ذات المذاق المرير لتتمكن من الصياح طالبة للنجدة.

سمعت صوته يتوعدها:

-أنا هعملك عجة!

حاولت الانزلاق من على كتفه؛ لكنه ظل متشبثًا بها، فأخذت تهتف، وبقايا البيضة الممضوغة تتقاذف من فمها:

-عجة مين؟ سيبني يا (...).

انفلتت منها صرخة قوية عندما وجدته يلقي بها في المسبح الذي تحولت مياهه إلى بصلٍ ودقيق ممزوج بالبيض المخفوق والفلفل الأسود، لتشعر بنفسها تغرق في هذا السائل اللزج. آخر ما أبصرته قبل أن يعم الظلام من حولها كان قيامه بإلقاء البقدونس على الخليط، كل ما شغل تفكيرها لحظتها هذا السؤال الغريب: كيف سيقوم بإشعال النيران من أسفل المسبح المتسع، أم أنه يوجد بالفعل موقدٌ تحته وهي لم تتمكن من رؤيته؟!

استيقظت "بهاء" من حلمها المريب وهي شبه تلهث، وتشعر أيضًا بجفافٍ شديد في حلقها، استغرقها الأمر عدة لحظات حتى تستوعب أنها عايشت كابوسًا عجيبًا، لا يمكن أن يحدث إلا في خيالها المرهق، تفلت على يسارها، ثم اعتدلت بعدئذ في رقدتها، وهمهمت مع نفسها باندهاشٍ:

-هو في إيه؟

مدت يدها لتمسك بهاتفها المحمول، تفقدت الوقت فوجدته لا يزال مبكرًا على موعد استيقاظها الفعلي، لذا تركت الهاتف جانبًا، وفركت عنقها برفقٍ، لتسمع زئير معدتها وتقلصها، فخفضت من يدها لتتحسس بطنها الجائع. بنظرة عامة بحثت عن شيءٍ تتناوله لتسد جوعها أولًا، وأيضًا لتخفف من حدة المرارة الموجودة في جوفها، لم تجد أي شيءٍ على الكومود أو في الدرج بغرفتها، لهذا نهضت من على الفراش بتكاسلٍ، واتجهت في خطواتٍ شبه زاحفة إلى المطبخ.

ضبط وإحضار - قيد الكتابةTahanan ng mga kuwento. Tumuklas ngayon