الفصل الحادي عشر

1.2K 163 38
                                    

الفصل الحادي عشر

نظر أشهد بشيء زلزل كيانه لاسمهما وتلك الرسمة البسيطة التي جعلته لأول مرة تقع عينيه على ذلك التشوه ويبتسم من عمق قلبه .. !
ونظر اليها وهنا فقط بدأ يعترف لنفسه بشيء .. أنه يحب، والأخطر، أن تلك الفتاة البسيطة جدًا ... جعلته يدرك حقيقة أنه لم يحب من قبل، وأنه لأول مرة بعمره يحب ... امتلأت عينيه بعاطفة عنيفة وجذبها لصدره بلهفة وجنون ..
ليضمها بكل ما في قلبه، ثم دفن وجهه بكتفها بابتسامة مطمئنة وتنفس بعمق بعد ذلك .. كأنه أخيرًا أنهى طريقا طويلًا مليء بالشوك والألم وعاد للديار.

ابتعدت رقة عنه وقد أصبح وجهها متصبغا بالحمرة والحياء، واستدارت لتتهرب من عينيه التي وكأنها تعانقها مع كل نظرة، فأدارها أشهد مرة أخرى وقربها لصدره من جديد وهو يقول مبتسما بسعادة حقيقية:
_ أول مرة من زمان أوي أحس أني مطمن ومبسوط كده ..

ورفع وجهها لتنظر لعينيه الملتمعة بعاطفة شديدة حتى قبّل جبينها مرةً أخرى برقة متناهية وهمس وهو ينظر لعينيها عن قرب :
_ عنيكي كلها أمان .. كل نظرة بتقولي أطمن أنا جانبك .. من أول مرة شوفتك وفي شيء بينا غريب، شيء حلو .. كأننا اتقابلنا قبل كده .. أو كأننا افترقنا سنين ورجعنا .. محستش يومها أنك غريبة أبدًا .. من أول مرة أتقابلنا .. كأني قابلت نفسي على الطريق!.

ارتعشت جفونها إثر دموع السعادة وقالت مبتسمة :
_ مش سمعتني مرة وأنا بقول أني هحبك بطريقتي .. ومش هرتاح غير لما أبقى حتة منك لدرجة أنك لما تحب تطمن وتهدى تسيب الدنيا كلها وتجيلي ... شكل أمنيتي بدأت تتحقق!.

ابتسم لعلمها أنه سمع حديثها بالصدفة، ثم تطلع أشهد بوجهها في محبة شديدة وقال:
_ لما دي البداية يبقى اللي جاي إيه ؟! .. أنتي مش قد جنوني !.

وانتبهت رقة للمكر الذي غزا عينيه فابتعدت عنه وقالت بابتسامة مرتبكة :
_ ما يصحش نفضل لوحدنا ونسيبهم.

واسرعت نحو جاكيته وقالت وهي تعود له وتساعده في أرتداءه:
_ البس الجاكت بتاعك احسن حد يدخل ويفهمنا غلط ..

اتسعت ابتسامة أشهد وقال وهو يطيع أمرها ويرتدي معطف بدلته الأنيقة ويرتب هندامه :
_ محدش يقدر يدخل مكتبي من غير أستئذان ..

وجذبها مرة أخرى لتقف أمامه وهمس بخبث وابتسامة متلاعبة :
_ بس أنتي هيكون ليكي أستثناء .. وصحيح نسيت أقولك ..

سألته رقة وهي تحاول تخليص معصمها من قبضته بابتسامة :
_ نسيت تقول إيه ؟

تطلع بها أشهد من أخمص قدميها حتى أعلى رأسها بنظرة سريعة، ثم قال والمكر يلتمع بعينيه :
_ أنتي قمر النهاردة، تجنني .. يا عروسة البحر ..

ارتبكت رقة بحياءً شديد واحمر خديها وهي ترتجف، وحينما افلتت معصمها من يده اسرعت راكضة خارج المكتب وحررت ابتسامتها المليئة بالسعادة ..

كسرة و ضمة و سكون ... للكاتبة رحاب إبراهيم حسنWhere stories live. Discover now