خائنة (4)

770 28 11
                                    

فتحت عيناي ..ورفعت نفسي عن الاريكة الحمراء
شعرت بثقل على خاصرتي
كان رائد غارقاً في نومه
أظنه قد فوت على نفسه الاجتماع المهم بين ذراعي
رفعت خاصرتي محاولةً ايقاظه
ولكن كتفاه العريضتان أثقل من أن أرفعهما
أرجعت ظهري مستلقيةً مجدداً
نظرتُ للفوضى العارمة..والشموع المطفئة
أظن أن الزهور ذبلت بسرعة..
فبالتأكيد شعرت برخصٍ لانها هديةٌ لي
حتى الورود فضلت أن تَذبل على أن أحملها بين يدي
دمعت عيناي ..أكتفيت من البكاء حقاً
منذ شهور لم يمض يوم دون أن تذرف عيناي وجعاً
سعل رائد على خاصرتي وفتح عينيه ..
نظر مطولاً للاريكة ولـِ أسفل خاصرتي العاري
ثم وضع رأسه مجدداً عليه ونظر الي وابتسم
ابتسمت له وتسربت أصابعي بين خصلات شعره السوداء الناعمة
همس وكانت انفاسه الدافئة تداعب اسفل خاصرتي:
ألم تكن ليلة جميلة؟
أجبته بصوت خفيف ..:بلى ولكنك فوتت اجتماعك المهم
نهض بجنون ونظر الي والغضب يتطاير من عينيه
:لماذا لم توقظيني؟
اجبته بهدوء: استيقظتُ للتو أيضاً
ركض نحو غرفة النوم و ارتدى ملابسه بسرعة
لم يستحم حتى..فالامر لا يشكل لديه فرق
..بالنهاية هو ليس مِن مَن يقيمون الصلاة
وهذا أحد أسباب خيانتي له ..
غادر رائد مستعجلاً كي يلحق بملايينه ودولارته
ونهضتُ انا كـ كل يوم بوجهي الشاحب
بعقلي الممسوس وقلبي المشوه
لملمت بقايا تلك الليلة..
رميت كل تلك الورود في النفاية
انتقمت من ذبولها
أردت حرقها..
كنت في كل مرة انظر للورود كيف يبست وذبلت
اشعر بأني واحدة منهن
..احسست بأن خيانتي تسيطر على جميع أركان هذا المنزل
حتى جدرانه تضيق بي وكأنها تريد ان تَبزُقني خارجه
نظرت لكل شيء حولي..
كنت اتسائل في نفسي..هل اطلب الغفران؟
فأنا لست أعرف ..إن كنت أعلنت توبتي أم لا
لم أستطع تحمل هذا المنزل أكثر..أحسسته بمثابة محكمة لجرائمي
لذا ارتديت ملابسي وخرجت
فكرت قليلاً ..بالطريق الذي سأذهب اليه
أستمريت ماشيةً أراقب كل مايدور حولي
فوتت ندوتي الادبية في الجامعة..
تجاوزت السابعة والعشرين من عمري اليوم
وها أنا اقف وادلي بفشلي أمام هيئة الكون المحلفة
مالذي الحكم الذي سيتخذه القدر بحقي
أليس الاعدام ارحم من الاعمال الشاقة التي انزلت أليّ؟
من يبرر خطيئتي امام خالقي؟
ومن يشفع لي منها؟..وأي توبة هذه التي ما أن ابدأ بها حتى تغرز في قلبي الف سكين تنادي جوزيف؟
رأيت في طريقي محل للتقنيات كتب عليه على لافتة كبيرة..تحوي عبارات عن عمل المحل ومالفت نظري فيها جملة (استعادة جميع الملفات المحذوفة )
..أخرجت هاتفي من حقيبتي ونظرت له..
لقد حذفت كل شيء فيه بلحظة غضب حين عدت من المطعم البارحث.. كي أتخلص من صوري مع أصدقائي وانسى جوزيف وكل شيء ..
ولكنني بهذا التصرف المتهور اضعت الكثير من الامور المهمة ..ولم اتخلص من اي احد
دخلت المحل..كان يجلس وراء الطاولة شاب يافع يضع نظاراته ويضغط بسرعة هائلة على أزرار الحاسب الذي يعمل عليه
نظر الي من فوق نظارته وقال : ماطلبك
أخرجت هاتفي وقلت له :أريد أن أستعيد ملفاته اذا سمحت
اخذ الهاتف وبدء يعمل به وبينما هو يمارس عمله
جلست على كرسيٍ صغير مقابله
بعد مدة لاتقل عن ربع ساعة أعطاني الهاتف وقال لي : 80$ اذا سمحتي
اخرجت النقود من حقيبتي واخذت الهاتف
وانطلقت نحو الكافتيريا المجاورة لمحل التقينات
جلست افتش في الهاتف
وجدت أنه أسترجع أموراً قديمةً جداً
ليس فقط ماحذفته منذ اسبوع بل ماحذفته منذ شهور عديدة
كان هناك بعض من الصور والاشياء القديمة
اول مافعلته حين استعيدت الملفات هو حفظ رقم جوزيف من جديد
كان امراً لا ارادياً ردَ فِعلٍ عقيم
فأمل ان يتصل بي كان لا يفارقني ابداً..
فما زرعته في أرض قلبه لا يمكن ان يبور..
حفظت رقم جوزيف وانتقلت للرسائل
كانت هناك رسائل قديمةً وقد استُعيدت
جميع رسائله..بل جميع رسائلي الواردة كانت منه
اغرقت شاشة هاتفي بالدموع ووشفاهي ترتجف وانا اقرأ رسائله القديمة..وكأنها تحييه في قلبي..وأنا التي ظننت مات منذ خيانته لي
مشيت بين الرسائل حتى وصلت لرسالة اخيرة كُتب فيها(اذهبي للشركة زوجك يخونك )توقفت دموعي عن النزول .ونهضت لا ارادياً..ولكن لحظة الى اين انت ذاهبة
اعدت النظر للهاتف ودقات قلبي متسارعة وانا اقطب حاجبي...هذه الرسالة قديمة ..منذ سبعة اشهر..ولكن لما هي بأسم جوزيف..اذكر حين وصلتني في ذاك الوقت كانت قد ارسلت من رقم غريب..
ولماذا الان من اسم جوزيف..
حين وصلتني لم يكن اسم جوزيف محفوظاً في هاتفي..والان حين حفظته ..هل يعقل؟؟
اذن جوزيف من كشف لي الامر حينها
اكان يعرفني وقتها....ولما فعل هذا؟
مشيت في الطريق وانا محتارة يضرب كتفي بذاك .وحقيبتي بتلك وقطرات العرق تتوضع في جبيني
وبين نهدي..لطالما كنت اتعرق بين نهدي
ولطالما شرب جوزيف هذا العرق بلسانه
انه ابرئ من أن يكون ماكراً
وانه اودع من ان يكون ثعلباً
...انه اول امل وأخر أمل..انه الاعدام الذي حل علي ولم يحدد يوم تنفيذه بعد ..فأنتظار الموت اصعب من الموت نفسه
..

رَجلين في قلبي #wattys2015Kde žijí příběhy. Začni objevovat