خائنة(6)

641 21 4
                                    

نظرت لبؤبؤ عيني رائد واخبرته (طلقني)
بقي صامتاً ولمعت في عينيه دمعة اوجعتني..
غص وتلعثم ادار ظهره ويده على مِقبض الباب ..
ثم قال بصوت منكسر :لكِ هذا واوخر الكلمة اختفت بين دموعه التي انهارت عند خروجه من المنزل ..سمعت صوته وهو يبكي بعيداً عن جدران قلبي ..ورحل ..ما أن تأكدت ان الحي يخلو من سيارته الزرقاء
حتى توجهت راكضةً للمبنى المقابل..
صعدت الدرج بسرعة ..طرقت الباب كثيراً..
لكن لم يفتح لي احد
فدخلت بمفتاحي الخاص..كان احساسي حين فتحت الباب بالمفتاح ودخلت اجمل ماشعرت به في حياتي..احسست بأنه منزلي تاه كل شيء في زواية روحي..ناديت بخفة:جوزيف انت هنا؟
ولكن لم يجبني احد سوا جدران المنزل تخبرني انه ليس موجود
مشيت قليلاً وجلست على الاريكة الذهبية ..
لامستها بيدي ..
كم حَمِلَت من رائحتنا ومن عرقنا ...وكم حَضَنت قبلاتنا..هذه الاريكة لو نطقت..لحكت اساطير عن حبي انا وجوزيف
نظرت للكتاب الذي كان ملقى عليها..
كتب عليه جبران خليل جبران(الاجنحة المنكسر) لامست الكتاب وعاد قلبي للوراء
كنت
ابحث بين الكتب ..كي اخذ مايفيدني في رسالتي للماجستير وبينما انا ابحث سمعت صوتاً بين اكوام الكتب المصففة في الرفوف صوتاً عذباً رغم خشونته..حنوناً يمتزج فيه الرجولة والرقة ..بحة هزت ارض قلبي ونبشت مقبرتها
كان يقرأ احد اكثر الجمل التي اقدسها في الادب (اعطف يارب واشدد جميع الاجنحة المتكسرة) مشيت بضعة خطوات كان صوت كعب حذائي واضح بينها وكأنه ينادي صاحب الصوت وقفت خلفه وانا احضن احد الكتب وقلت(سلمى كرامة) فردها بقوله (جبران خليل جبران) نعم هذه الجملة من اقوال سلمى كرامة بطلة في رواية من روايات جبران خليل جبران
قلت له سررت بالتعرف اليك انا.. فسابقني بالقول لاداعي للتعريف عن نفسك فانا حضرت كل مناظراتك واتمنى ان تستمري في هذا المجال قلت له وانا انظر في عينيه الفضيتين وشعره الخفيف وجبينه الاملس : هل انت طالب هنا اجابني متفاخراً انا اعمل ك ضابط شرطة واخرج من جيبه شيء شبيه بالوسام والصقه بعيني ضحكت ونظرت اليه وهو يضحك كان فاتناً جداً..يملك تلك الابتسامة التي تذهل العقل ضحكة ذات شهقة في نهايتها تركع امامها كل علامات الفتنة.. انزلت نظارتي الشمسية من بين خصلات شعري وتابعت المشي ..متجاهلة اكوام الجمال التي تتدافع في ذاك المخلوق فاانا لم اقاوم الجمال يوماً..
لا اصدق ان كل هذا الوقت مر منذ تعرفت بجوزيف
كانت فرحتي تسبقني بأشواط..
متشوقة لاعطيها لجوزيف..
كنت اتخيل ردة فعله حين يسمع الخبر السعيد
..رن هاتفي ..وصلتني رسالة من جوزيف :
(لعينيك اكتب..اصبح حبنا هشاً ..والامل منه محال ..لاتكرهي حبي لكِ ولا تقتليني في قلبك..فقد مت به ولهاً واليوم اعلن انسحابي من معركة الحصول عليك..ابتسمي ..وعودي لرائد..فلن اعتنق الاسلام يوماً ..لن اعتنقه...مهما احببتك..
وداعاً ايتها الروح ..لقد مُت ..هكذا اخبري نفسك..
سأكون بخير كي تطمئني.ولكن لن تريني مجدداً..لم اقتلك وحدك قتلت نفسي ايضاً ..انه الاعدام ياذات القلب الهش ..تخليت عنك اليوم وسافرت ..لن اراك ابداً مرة اخرى)
نظرت للهاتف ويداي ترتجفان ..لم اعي ماسمعت..ضحكت ..يالها من مزحة..اتصلت برقم جوزيف..لكنه مغلق ..ملغى..اي صفقة ابرمت من وراء ظهري..لما ..جوزيف لما ..
انه لايشبع من دموعي ..لايكتفي بقتلي بل يحرقني اكثر واكثر ..نظرت لكل شيء ..امسكت كل شيء من ريحة وحطمته ..اضرمت النار في الاريكة...واضرمت الوجع في قلبي ..اتشحت خداي بالسواد جراء اكوام الكحل المنسابة مع دموعي ...وددت لو اقتلع صدري ..لو انه انتظر ساعة واحدةً فقط..لو انه حضنني فقط قبل ان يذهب..لو انه سمعني او اعطاني فرصة واحدة..فرصةً واحدة كانت كفيلة بأن تُنجح خظتنا المبهمة..خرجت من المنزل تاركاً النار تشب فيه ..دخلت لمنزلي وتراجعت.. تراجعت عن قرار الطلاق ...وتراجعت عنك ياجوزيف ايضاً..ليتك تدري كيف غرزت سكين جرحك وكيف اخرجتها وليتك ترى النزف الذي يحتل من عيني نهراً جارياً كي يسير...
دخل رائد كنت اجلس ارضاً وابكي...والدموع تتسرب لنهدي والالم يغطي ملامح روحي
ركض تجاهي وهو مقتول..بالكاد يتحرك..حضنني
حضنني بحنيةً احيتني..وكأنه يعرف مابي
كان يقول لي وهو يحرك يده على شعري ويخبئ دموعي المحترقة في شعيرات صدره البارزة من بين فتحات قميصه :لابأس اهدئي...كل شيء سيكون بخير نظرت في عينيه وانا ابكي وبين كل كلمة اغص واختنق : كيف لك ان تطلقني بتلك السرعة ..هل هذا حبك لي هل .. هل واختنقت باكيةً قبل ان اكمل كلامي..حملني بين ذراعيه واخذني للسرير
هيا نامي :قالها وهو يغطيني ويقبل جبيني..
نهضت وصرخت لااريد النوم لا اريد
امسكت بيديه وتوسلت :رائد اريد الموت ...اكتفيت من كل هذا
هناك شيء علي ان اخبرك به... وبعد ان تعرف تستطيع قتلي ..تستطيع قتل
فقبلني افلت فمي وصرخت:لاتقبلني لا اريد ان اسكت ..
فحضنني لصدره كي يستلقي فوقي ..ويكتم غضبي بصدره الضاغط على نهدي ويسترق قبلاً من رقبتي الباكية ...
وماكان من شيء بوسعي سوا ان استسلم للنوم عاريةً بين ذراعيه ..

رَجلين في قلبي #wattys2015Donde viven las historias. Descúbrelo ahora