الفصل الحادي والخمسون

30.3K 515 42
                                    

ذئاب لا تغفر

الفصـــل الحادي والخمسون :

في منزل أوس الجديد ،،،،

أحضــــر الطبيب مخــــتار ممرضة على قدر من الكفاءة - تدعى رقية – للعناية بتقى خلال الأيـــام الحالية بناءاً على تعليمات أوس الجندي بإبقائها قدر الإمكــــان في وضعية ساكنة حتى يتمكن من تدبير كافة الأمــــور العالقة حوله ، وكذلك ضمـــان وجود المدبرة عفاف معها للإهتمام بتغذيتها ورعايتها بدنياً ، وأيضاً معاونة ماريا لها .....

كانت مهمة الخـــدم تنتهي مع عـــودته مساءاً للمنزل ، حيث يعود الجميع لبيوتهم ، ويظل هـــو بمفرده معها ..
فالليل ملكٌ له وحــــده ..
كان أوس يتمدد على الفراش إلى جوارها ، ويحاوطها من ظهرها بذراعه ، ويسند رأسها على صـــدره لتستمع إلى دقـــات قلبه الهادئة ، ويشبك أصابع كفها الرقيق بأصابعه الغليظة ، ويهمس لها بذكريات مـــاضيه ، وأحلام طفولته المنتهكة ..
كانت أسعد لحظاته حقاً هو التمتع بوجودها في أحضانه دون أي مقــــاومة منها ، وإستسلامها للمساته الرقيقة عليها .. وتململها دون وعي في حضنه الدافيء ..
شعور غريب إستلذ به ، وامتعه كثيراً ، وأراحـــه من الضغوط المحيطة به ..
ومع هذا خشي من صحوتها ، لأنها تعني إنتهاء هذا الحلم للأبد ، والبدء في مشقة مواجهة حقيقة كونها معاً ..
أغمض أوس عينيه ، وإستنشق عبير شعرها ، ثم تنهد بحرارة وهمس قائلاً :
-يا ريت الظروف كانت مختلفة يا تقى ! حاجات كتير كانت آآ...

توقف عن إتمـــام جملته ، وإبتلع تلك الغصة المريرة في حلقه ..
كذلك علقت عبرة في أهداب جفنه وهو يتابع بآسف :
-ورغم إن طلع دمنا واحد ، بس .. بس أنا ماستهلكيش يا تقى ، طلعت قاسي أوي معاكي ، مرحمتكيش ، ولا حسيت بيكي إلا متأخـــر !

تنهد بحــــرقة أشد وهو يكمل بصوت مختنق :
-آآآه لو كنت عرفت من بدري ، كنت على الأقل راعيت صلة الدم اللي بينا !

ضمها بذراعه إليه أكثر ، وقبل رأسها ، وهمس لها بإستعطاف وهو يبكي :
-سامحيني يا تقى ، سامحيني ! أنا عارف إنه مش سهل عليكي إنك تغفري اللي عملته فيكي ، بس .. بس عندي أمل إنك تسامحي .. إنتي قلبك زيك أبيض !
ثم نظر إلى وجهها – ذي التعابير الجامدة – ومسح بشفتيه على جبينها ، وهتف قائلاً بخفوت :
-هتسامحيني صح ؟

تـــرك أوس لعبراته الحرية في الإنهمـــار لتبلل وجهها مجدداً بدموع أسفه وندمه على ما إقترفه في حقها ...
.......................................

في أحــــد السجون العمومية ،،،،

نهض مدير السجن من على مقعده ، وإتجه نحو باب مكتب غرفته وهو يتابع بنبرة رسمية :
-أنا هامر على العنابر ، وراجع تاني ، خدوا راحتكم

ابتسم له المحامي نصيف إبتسامة صفراء وهو يجيبه بإمتنان:
-شكراً يا باشا !

تابعه ممدوح بنظراته الحـــادة إلى أن أغلق الباب ، فصرخ قائلاً بعصبية :
-شوفلي حل يا مستر نصيف ، أنا كده روحت في داهية ، النيابة جددت حبسي ، وهافضل في السجن ده على طول وأنا معملتش حاجة

ذئاب لا تغفر 2- لمنال سالم Where stories live. Discover now