الفصل الرابع والخمسون

28.2K 481 15
                                    

ذئاب لا تغفر

الفصل الرابــــع والخمسون :

ولجــــت تقى إلى الغرفــة وهي تعيد وضــع المنشفة القطنية على شعرها المبتل .. وفجـــأة تسمرت في مكانها مصعوقـــة ، وإتسعت حدقتيها في رعـــب حينما رفعت رأسها للأعلى لتجد أوس واقفاً أمامها وممسكاً بتلك المنامة ..
إرتجفت شفتيها بشــدة ، ودبت قشعريرة قوية في جسدها ، وشحب لون بشرتها بطريقة ملفتة ، وخفق صدرها صعوداً وهبوطاً بإضطراب ملحوظ ..

إستنشق أوس تلك الرائحة المنعشة للصابون التي ملأت أنفه ، ففتح عينيه على الفور ليراهـــا تقف مشدوهة أمـــامه ..
أخفض عينيه تدريجياً – وعفوياً – على جسدها المبتل ، ودقق النظر في بشرتها البيضاء المغرية ، ورأى جسدها الملفوف بحرفية مثيرة في المنشفة ، فسيطرت عليه رغبة معانقتها عناقاً طويلاً ، ومـــزج جسديهما معاً ليصيرا كياناً واحداً .....

ضمت تقى يديها بصورة لا إرادية إلى صدرها محاولة إخفاء مفاتنها من نظرات عينيه القوية والمسلطة عليها بطريقة أرعبتها وذكرتها بفعلته النكــــراء ..
وتراجعت بخطوات حذرة - ومرتبكة للغاية - إلى الخلف ..

مـــد أوس يده أمام وجهها قائلاً بجدية بعد أن لاحظ خوفها البائن في نظراتها المحدقة به :
-ماتخفيش .. أنا مش هاعملك حاجة !

هـــزت رأسها مستنكرة ، وأجابته بصوت مرتجف :
-إنت.. إنت ..لألألأ !

هتف قائلاً بصوت صــــارم :
-تقى ، اهـــدي أنا مش جايلك !

ثم أدار رأســـه للجانب ، وتابع قائلاً بجدية أقل :
-أنا بس نسيت موبايلي وآآ..

قاطعته بصـــراخ حـــاد وقد أدمعت عينيها رعباً :
-إنت كداب .. آآ.. إنت استغفلتني ، و.. وآآ.. وعملت الهيلمان ده كله عشان تكرر إنتقامك مني

فغر فمه مندهشاً بعد ظنها السيء به ، وإحتقن وجهه نوعاً ماً ، وصــاح قائلاً بإعتراض :
-مش حقيقي ، أنا قولتلك آآ....

قاطعته وهي تصرخ بجنون :
-لييييه ؟ حـــرام عليك !

خفق قلب أوس بقلق بـــالغ عليها بعد رأى تلك الحالة المذعـــورة المسيطرة عليها ،
فاقترب منها بخطوات حذرة وهو يقول بإستعطاف :
-اسمعيني يا تقى ، أنا مكونتش جايلك ، أنا آآ...

هتفت مقاطعة إياها بصوت متشنج ومختنق وهي تحدجه بنظراتها الإحتقارية :
-أنا بأكرهك ، وهافضل أكرهك لحد ما أمــــوت !

ثم أولته ظهرها ، وركضت عـــائدة إلى داخل المرحـــاض ، وصفقت الباب دون تردد ، وأوصدته من خلفها ، وإستندت عليه بظهرها .. وفردت ذراعيها عليه وظلت تشهق بصوت مرتفع ..

إبتلع أوس غصـــة أشد مرارة عن ذي قبل في حلقه ، وهتف بصوت محتد :
-استني يا تقى !

أجهشت هي بالبكــــاء الحارق ، وتنهدت بصراخ ، فزاد حزنه وآلمه عليها ..
إختنق صـــدره من صوت بكائها ، ووضع يديه على رأســـه ، وضغط عليها بعصبية وهو يدور حول نفسه حائراً في كيفية التصرف معها لتهدئتها ..
كم يبغض أن تصير الظروف كلها ضده ، ويصبح دائماً في نظرها الجلاد القاسي الذي نفذ فيها حكم الإعدام .. ويعجز عن إثبات صدق نواياه معها ..
صــــر على أسنانه غاضباً ، وإتجه إلى باب المرحاض ، وأمسك بمقبضه بيد ، وظل يديره محاولاً فتحه ، وكــور قبضة يده الأخــرى ليطرق بها على الباب بقوة وهو يقول بإنفعـــال :
-افتحي يا تقى

ذئاب لا تغفر 2- لمنال سالم Where stories live. Discover now