٦؛ حَربٌ وطِفلةْ.

6K 639 490
                                    

مرحبًا يا أطفالي 💞

ضعوا فوت لُطفًا.

-

كنّا مساء اللهفة الأولى، ﻋﺎﺷﻘﻴﻦ ﻓﻲ ﺿﻴﺎﻓﺔ المطر، رتبت ﻟﻬﻤﺎ المصادفة موعدًا خارج المدن العربية للخوف.

نسينا لليلة أن نكون على حذرٍ؛ ظنًا منّا أن باريس تمتهن حراسة العشاق. إن حبًا عاش تحت رحمة القتلة، لا بد أن يحتمي خلف أول متراس للبهجة.

أكنا إذن نتمرن رقصًا على منصة السعادة أثناء اعتقادنا أن الفرح فعل مقاومة؟ أم أن بعض الحزن من لوازم العشاق؟

ﻓﻲ مساء الولع العائد مخصبًا ﺑﺎﻟﺸﺠﻦ، ﻳﺼﺒﺢ ﻫﻤﻚ ﻛﻴﻒ ﺗﻔﻜﻚ ﻟﻐﻢ الحب ﺑﻌﺪ ﻋﺎﻣﻴﻦ ﻣﻦ الغياب وتعطل ﻓﺘﻴﻠﻪ الموقوت دون أن ﺗﺘﺸﻈﻰ ﺑﻮﺣﺎ.

ﺑﻌﻨﻒ ﻣﻌﺎﻧﻘﺔ ﺑﻌﺪ فراق، تود ﻟﻮ ﻗﻠﺖ « أحبك » ﻛﻤﺎ ﻟﻮ تقول « مازلت مريضًا ﺑﻚ » ﺗﺮﻳﺪ أن تقول كلمات متعذرة اللفظ كعواطف تترفع عن التعبير. كمرض ﻋﺼﻲ ﻋﻠﻰ التشخيص.

تود لو استطعت البكاء، ﻻ ﻷﻧﻚ ﻓﻲ ﺑﻴﺘﻪ، ﻻ ﻷﻧﻜﻤﺎ معًا، ﻻ ﻷﻧﻬﺎ أخيرًا جاءت، ﻻ ﻷﻧﻚ ﺗﻌﻴﺲ ولا ﻟﻜﻮﻧﻚ سعيدًا، ﺑﻞ ﻟﺠﻤﺎﻟﻴﺔ البكاء أمام شيء فاتن لن يتكرر كمصادفة.

تلك كانت فاتحة أحد الروايات عربية اللغة، جزائرية الأصل. تلك كانت أحرف أحلام، التي لطالما حذرته من الأحلام. في خضّم أحرفها سفكت دماء الحلم، ووضعت نصب عينيه الحقيقة عارية من أي زينة، فكأنما كانت تكتب لهُ وحده؛ لتنبههُ هي قبل أن يصفعه القدر.

لعلها علمت أن لطمة الحقيقة التي تخطها بحبر قلمها لهي أرحم بكثير من فاجعة تتفنن الحياة في نقش تفاصيلها.

لكنه قرأ، وأعجب، وصدق وفي النهاية لم ينفذ. ظلّ يحلم. ظلّ ينبض!

نعم كان صباحًا مساءً في لهفة. وأجل ظنّ الحياة تمتهن حراسة العشاق. وسلّم بخنوع لحماقة اعتقاده، ونسي أن يكون على حذر. حبه وُلد بين الخراب والدماء، وفرّ به محتميًا بمتاريس البهجة الوهمية.

في مساء الولع المخصب بالشجن، ها هو يحاول فكّ لغم الحب، يحاول أن ينتزع فتيله من داخله دون أن ينفجر ، دون أن يكون شهيد الحب.

نعم سيبقى « مريضًا بها » وأجل للآبد سـ « يحبها » ويوّد أن يذرف دموعًا لا تتوقف. نعم يود البكاء، ليس لجمالية ما يقف أمامه، بل لشدة وطأة ما يحسه من موت.

كتنهيدة خافتة تتسرب من بين شفاه متشققة، كدمعة حارة تُفلت من زاوية عين جامدة، كانكسار جبل بعد طول شموخ، كان هو وكانت قصته. أعين لم تبكي لأي ألم، هاهي تبكي الحب، يا لجبروته.. يا لقوته!

بِيكَاسّو || A war of bloodحيث تعيش القصص. اكتشف الآن