____
تتوسط الصالة الواسعة ذات الأعمدة المطلية بالذهب ،على عرشها المُرتفع بشكلٍ جذاب عن أرضية الصالة الرُخامية.
تنتظر بجوع وتعطش لوجبتها اللذيذة ،وها قد جاء الفرج بحارسها يزفُ لها التهنئة بصوتٍ مسموع وحذر ،"تفضلِ جلالة الملكة برفقتي".
استقامتْ سريعاً وخطتْ نحوهُ بوقار مع ابتسامة مليحة تلتصق بوجهها ،يُمكنها سماع نياح الزوجين بمُجرد وصولها إلى باب الصالة.
انسابتْ برشاقة بجانب حارسها الشخصي قاصدين غُرفة البهو حيث تتناول طعامها الفاخر هُناك ،أسفل قصرها العظيم.
فُتِحَ الباب باتساع لتتسارع لفحاتٌ ساخنة نحوَ وجهها ،تقدمتْ إلى مقعدها البسيط واستعدتْ لبدء المُتعة.
سُحِب الزوجين حتى أصبحا مُواجهينها ،ضحكتْ بشدة حينما أشتد نياح الزوجة ،"من سمح لكِ بمُعارضة قراراتي؟"سألتْ بهدوء ثمّ صاحتْ ،"من؟".
ارتعشتْ الزوحة من صوت الملكة العالي ،اشارتْ الملكة ماري برفع حاجبها والنظر إلى الزوجة ،هذا التلميح البسيط كان كفيلاً لسلب أحد أعضاء الزوجة.
مرّرَ الحارس السيف بحدة باتراً ذراع الزوجة من كتفها ليزداد صُراخها ،الزوجُ يكبتُ الخوف والندم بإغلاق عينيهِ ،لكن ذلك لم يكن كافياً لتجاوز غضب الملكة التي أمرتْ ببتر ذراع الزوج أيضاً ،"لا تُغلق عينيك".
هيَ تستمتع برؤية الزوجين يفقدون أعضاهما واحداً تلوى الأخر ،تشعرُ بالنشوة لسماع صوتِ تدفق الدماء على الأرض ،وصوت النحيب يُطرب أذانها.
جُرّ قدحٌ كبير مليء بالزيت المغلي ،توسعتْ ابتسامتها أكثر ؛فهذا أكثر حزء تُحبهُ قليّ الأعضاء البشرية.
____
مشتْ بروية إلى غُرفة نومها الملكية ،خلفها جمعٌ من الخادمات اللاتي ما أن وصلتْ حتى أخذتْ كُلاً مُنهنّ زاوية لتقف عليها ،الملكة ماري تخاف الوحدة كثيراً.
الإضاءة خافتة والمُحيط حولها باردٌ بعض الشيء ،كُل شيء جاهز للنوم.
أفترشتْ السرير الكبير براحة واندثرتْ بين وسائدهِ الريشية ،ثقلتْ جفنيها في استسلام للنوم وبدء مسيرة البُكاء في كوابيسها.
خارج قصرها أو ما يتداولهُ الناس أن الملكة ماري صارمة وقاسية وشديدة الإنضباط ،وبين جدران قصرها الملكة ماري ضعيفة وتائهة ،كالطفل تماماً.
لو أن ألقوا نظرة خاطفة عليها أثناء نومها لرقتْ قلوبهم من صوت بُكائها العالي.
رُبما تكون قسوتها قِناعٌ ألتصقَ بها عن طريق الخطأ وتضخم مع مرور الزمن ؛فمن الصعب نزعهُ وبذات الوقت من الصعب التخلي عنهُ للأبد ،فما زالت تحتاج بعض القوة لمُجاراة هذهِ الحياة.
____
YOU ARE READING
«بِـلاد دمـوية»
Short Storyحيثُ الظلام والسواد يُحيطك ،صوتُ البكاء والمُناجاة يقتربُ منك شيئاً فشيئاً ،عيونٌ حمراء تُحدقُ بك ويبدو أنها لا تنوي السلام ،هل يُمكنك الهرب أم أن الأمر لن يُجدي؟ سكاكينهم أنغرستْ بالفعل ،هل لا زلتَ مُتردد؟ على أي حال ،لن تدوم مُقاومتك طويلاً ؛فبلاد...
