مالذي يحدث !

81 12 0
                                    

فتحت عينيها بتثاقل ، وهي تحاول استيعاب ما يحيط بها ...

فجأة سرت في جسدها قشعريرة غريبة ، شعرت بقدميهاَ تسبحان في الهواء ، كانت تحاول ملامسة التراب من جديد ، واسترجاع توازنها ، لكن بدون جدوى ... !

كانت تلمح الأرض قريبة منها ، لكنها لا تستطيع ملامستها ، حدقت بعين الصدمة وهي ترى حصانها الأبيض يحلق هو الآخر في الهواء ...

فجأة لمحت ضوء مشعا ينبعث من فوهة وسط صخور ذاك السفح الشاهق ، ذاك الضوء كان أشبه بالمغناطيس ، شعرت بجسدها وهو يسحب باتجاه الفوهة وكذلك الحصان ، حدقت بصدمة وهي تحاول المقاومة ، صرخت بكل ماتملك من قوة ،
ثارت عاصفة ضبابية أثناء اقترابهما من الفوهة بسرعة رهيبة ، تزاحمت أنفاسها بالغيوم ، كانت تشعر بالاختناق وهي تطفو في الهواء ...

اقتحما الفوهة الغامضة ، دب رعب شديد في أوصالها ، فقدت التحكم في جسدها الطائف في الهواء ، كسمكة تسبح في الماء ، احتقن الألم في حلقها وهي تشعر بقدمها تكاد تبتر ، بدأ الضباب ينقشع شيئا فشيئا ، رؤية مشتتة ملئت عينيها ، لمحت هيئة أحد ما قادم نحوها ، لكنه كان ثابتا عكس تشقلبها في الهواء بضياع ...

بعيون متعبة تطلعت نحوه محاولة اكتشاف هويته ، لكن الألم بلغ بها ذروته ، ومع اختناق أنفاسها ، أرخت أطرافها باستسلام وهي تفقد الوعي...

__________________________

فتحت عينيها بتثاقل شديد ، محاولة استيعاب مايحدث ، خليط أصوات قفز الى مسامعها ، صوت غليان الماء فوق النار ، وخطوات خفيفة ذات صوت غريب ، جالت بنظرها أنحاء المكان بتوجس ، حاولت الاستقامة في جلستها لكنها احست بألم خفيف يضرب ذراعها ، تطلعت نحوها لتلمح الضباب حوط الذراع كجبيرة بيضاء ، كذلك الأمر كان بالنسبة لقدمها ، كانت تنظر بصدمة ، كيف حدث هذا !

افلتت قدميها من فوق السرير ، حاولت ملامسة شيء ما يساعدها في التوازن من جديد ، لكن بدون جدوى ...

كانت أشبه براقصة مجنونة وهي تحاول الثبات ، تحرك قدميها كطفلة تلعب ، تارة يصبح رأسها مائلا الى الأسفل وقدميها الى الأعلى ، كما جربت السباحة علها تبلغ منشودها في التحكم في اطرافها الطائفة ، لم تخفي ملامحها المتعبة فرحتها واستمتاعها بما تقوم به ، كانت تضحك بصدمة على مايحدث لها ...

فجأة سمعت صوت ضحكات مكبوتة ، لتستدير ناحية الصوت بتلقائية ، لمحته وهو جالس بكل أريحية على كرسي قريب منها ، لكن رأته بشكل مقلوب كونها تتشقلب في الهواء ، لم يهمها هويته ومن يكون وماذا كان يفعل قريبا منها ، بقدر ماتساءل عقلها كيف أمكنه التوازن والجلوس على الكرسي !

وفي ظل دوامة التساؤلات التي حوطتها ، نهض من مكانه وهو يقترب منها ببطء ، أحست ببعض من الخوف كونها لا تعرفه ، لكن وضعها لا يسمح لها بالقيام بأي شيء ، فقط تابعت خطواته بعينيها وهو يتقدم نحوها ، مد يده ببطء محاولا امساك ذراعها ، لكنها قامت بردة فعل عنيفة ، حيث بدأت بالتحرك عشوائيا محاولة الابتعاد عنه قدر المستطاع وهي تصرخ قائلة :

"ابتعد عني ، اياك والاقتراب ! "

ابتسم على ردة فعلها المفاجئة ، ثم انحنى لينظر في عينيها وهو يقول :

" لا أريد بكِ شرا ، كنت أرغب في مساعدتك على التوازن فقط "

انفرجت ناصيتها بارتياح بسيط ، ثم هتفت متسائلة :

"من أنت ؟
وما هذا المكان ؟"

كان لايزال محدقا بعينيها ، ثم اعتدل في وقفته من جديد وأردف قائلا :

" أعلم أنكِ خائفة ، لكن لا تقلقي ستكونين بخير هنا ، والان عليكِ البقاء في السرير الى ان تشفى قدمك وذراعك ، يلزمهما راحة "

تطلعت نحوه ببلاهة وهي تسأله :

"كيف يمكنني العودة الى ذاك السرير وانا لا اكاد اتحكم في جسدي ! وكأنني أسبح .."

التفت نحوها بابتسامة ود :

"أجل ، لهذا أردت مساعدتك ِ ، لو تسمحين لي ! "

نظرت اليه بشك ثم أردفت قائلة :

"حسنا ، يمكنكَ ذلك "

ابتسم وهو يقترب منها ، وهي تنكمش على نفسها أكثر ، أمسك كتفيها معا ليثبت حركتها ، ثم انحنى وضع يديه خلف ركبتها ،ثم حملها باتجاه السرير ، وضعها بهدوء ، وهي تشعر أن ضغطا يحوط الركن الذي وضع فيه السرير ، تفاجئت من كونها استطاعت الاستلقاء على ذاك السرير دون أن تطفو عاليا ...

ابتعد عن سريرها متجها نحو الباب ، لكن كلماتها أوقفته :

"عذرا سيدي ، لا يمكنك تركي هكذا ، اريد أن أعلم من أنت وماهذا المكان ! "

استدار نحوها ثم قال :

"ستعلمين كل شيء في الوقت المناسب ، عليك الاسترخاء الان لكي تشفي بسرعة "

قبل أن تجيبه خرج وأغلق الباب ، تنهدت بضيق وعشرات الأفكار تتضارب في رأسها ، لتغمض عينيها بقوة محاولة جذب النوم اليها ...

___________________________

خرج من ذلك المنزل الغريب ، قابله أخوه الأكبر ، حياه بود وبابتسامة لطيفة هتف قائلا :

"ماذا ستفعل الآن !
عليك أن لا تخفي الأمر كثيييرا تعلم أن والدنا لن يتقبل فكرة أن هناك بشرية بيننا ! "

تحدث زين وعيناه شاردة في الفراغ :

"لقد وعدتني بأنك لن تخبره ، الى أن يعلم مني ، اتمنى أن تظل عند وعدك أخي ، هي مريضة الآن لا أفكر في فعل شيء الى أن تشفى ! "

رد عليه أخوه بتفكير :

"اممممم حسنا زين ، أنا لن أتدخل ، لكن كن حذرا "

ابتسم له ، ثم ربت على كتفه بلطف ، ثم انطلق الى وجهته ، تاركا أخاه في تساؤل ...


الحياة في السماء حيث تعيش القصص. اكتشف الآن