هل أنا في امان ؟

579 19 1
                                    

في ذاك المكان الخالي ، كنت انا ، ألاحق نور انبعث في الأفق ، بصعوبة بالغة اسري في ذاك الطريق المليء بالحصى ، حصى !! ههه ، أي حصى ..؟ ماعدت أشعر به .
هدوء المكان يقلقني كثيرا ، سكون الليل وظلمته ، كان قلبي يهابه ، نبضاته تسابق خطوتي .
ولكن ، لا خيار امامي سوى المضي قدما للمكان المجهول .
اتضح شيئا فشيئا ... منارة مسجد صغير أولا ، تلتها لوحة كتب عليها محطة وقود ، لكن بدى واضحا من تلك اللوحه قلة الاهتمام بالمحطة ، حيث كان هناك لمبة واحدة قيد العمل من بين مجموعة منها داخل اللوحة. ثم اتضحت معالم المكان بداية من المسجد الصغير من ثم الورشة المقفله ومكان الوقود المهجور المحاط بسلسلة عريضه .
حينما وصلت اخيرا ، استوقفني منظر المحطة من الداخل ، كانت المباني تأخذ على شكل قوس كعادة المحاطات ، كان المسجد الصغير مكسور النوافذ يبدأ على يميني وفيه مكان للوضوء ، ثم دورات مياه مقززة ، بعدها فراغ ثم مبنى كبير فيه عدة محال مقفلة الا محل واحد كتب فوقه "بقالة" ، وبعدها محلين مقفلين ثم فراغ وبعد الفراغ ورشة سيارات مظلمة مقفلة وفي المنتصف امام البقالة وقود السيارات المقفل بالسلاسل كما قلت  .
اخذت تلك النظرة وانا امشي متجها الى مكان الوضوء في المسجد ، فتحت الصنبور الأول فأخرج اصواتا غريبه من داخله ونزلت منه قطرة ماء ثم توقف عن العمل ، ضربته مرتين علّه يعمل ، ولكن لا جدوى ، انتقلت الى الصنبور الآخر ، وإذا به مكسور وناشف ،واضحه انه لا يعمل ، ذهبت الى الآخر ، فتحته فصب الماء بشكل سريع شعرت ببرودة على جسدي ، تفاجأة لدرجة انني ابتعدت بجسدي عنه قليلا ثم ادخلت يديّ فيه لأغسلها .
نظفت الجروح وغسلت رأسي من التراب وجرحي اللذي في مؤخرته ، وكذلك وجهي  ، ثم يداي وأرجلي كذلك .
اغراني سرعة انهمار الماء فأخذت شيئا منه في يدي لأبل به ضمئي ولكن كان طعمه مالحاً جداً فبسقت ما كان في فمي بسرعه وتمنيت اني لم اشربه .
اقفلت الصنبور ، نظرت الى البقالة خلفي ادخلت يداي في جيبي فلم يكن معي مال ، استدرت ذاهبا بإحباط الى المسجد .
دخلته ، فكانت هناك لمبة واحدة تضيء المكان فوق المحراب ، كان هناك عدة مصاحف قديمة مغبره عدا مصحف واحد كان نظيفا ، كانت الأرضية مفروشة بفرشة اقتلب لونها من اللون الأخضر الى اللون التفاحي من اشعة الشمس ، وعلى اليمين سجادة صلاة .
فهمت من خلال نظرتي تلك ان هذا المسجد يستخدم ، وان هناك مصلي واحد يقرأ القرآن ويصلي ويمكن ان يكون هناك عدة مصلين ولكن المهم انه يستخدم .
شعرت بالطمأنينة لهذا المكان ، ذهبت الى المحراب وجلست هناك ، اتكأت على الجدار ، ضممت ركبتاي الى صدري  وارحت عليهما رأسي  .
في ذلك الوقت ، اخذتني الأفكار الى المكان اللذي قدمت منه ، وإلى الطريق والصعوبات اللتي واجهتها ، وعادت لي التساؤلات ، لما كنت في ذاك الكان ؟ ماللذي كنت افعله هناك ؟
اوقف تفكيري صوت من بطني ، وضعت ذراعي بين فخذيّ وبطني ثم ضغطت على معدتي .
ارتحت قليلا ، فغفت عيناي .
وانا في غمرت نومي .
احسست برجل يتحسس نبض عرق في رقبتي ، ثم اخذ بماء في يده وارشقه في وجهي، احساست ببرودة الماء على وجهي مما افقدني الاتزان ، اخذت الهث متجها الى مصدره لا اراديا ، فأعطاني كأس الماء فبدأت اشربه حتى انتهى ، شيئا منه بلل رقبتي وصدري وشيئا بلّ ضمئي . مددت له الكأس قائلا : المزيد .. ارجوك .
نظرت لمنقذي فإذا به رجل آسيوي بان عليه الطوع من لحيته وصفاء وجهه ،
لحيته لم تكن مكتمله وشاربيه خفيفان وعينيه الصغيرتين كانتا تشفقان على حالي .
قال لي : انتظر قليلا وسأحضر ماهو متوفر لدي .
ذهب مسرعا .
عدت الى مكاني والى نفس هيئتي . ولكني ارتحت لذاك الرجل كثيرا ، احسست بالراحة من عينيه .
عاد مسرعا معه عدد كبير من علب الماء البارد ، وبلا وعي شربتها كلها ، بللت ثيابي الرثه كما بللت شفتاي وترطبت اخيرا ، وابتلت عروقي ، وذهب الظمأ.
بعد ان انهيت العلب كلها ، استلقيت متعبا وكأني أسد قضى على فريسته ، استلقيت اتنفس واستشعر الحياة ولذتها .
بعد فترة انتبهت واذا بالآسيوي قد قام ووضع حامل المصاحف بيني وبينه فصلى .
هممت لأتوضأ ثم اصطففت بجانبه .
في الحقيقة لم اكن اعلم اي صلاة كنا نصلي ،اعلم انه يجب استحضار النية ل الصلاة ولكن شيئا فيني انهضني لأوصلي .
علمت بعد انتهائي من الصلاة انها كانت صلاة الفجر .
بعد سلامه من الصلاة بدأ يقرأ ويسبح ويهلل ، كنت لازلت انظر الى مكان السجود في سكوت وترقب لما سيحل بي .
التفت مبتسما ثم قال لي  : اسمي محمد روح الدين .
مد يده يريد المصافحه قائلا : وانت ؟
صافحته وانا انظر إليه ، كنت سأقول ، بل وفتحت شفتاي ولكن لا شيء في رأسي يجيب على ذاك السؤال .
أعاد السؤال قائلا : من انت يا بني ؟
اهه اعرف الإجابة ولكن ...
قلت له : لا اذكر .
تركت يده وانزلت رأسي قائلا : لا أعلم شيء ، انا لا أعرف شيء .
ثم قلت : ارجوك ، انا جائع .
قال بلغته المكسرة : هل حقا لا تعرف من انت ؟
نظرت له نظرت ضعف ثم قلت ملحا : انا جائع .... ومتعب ، هل لك ان تطعمني شيئا املء به معدتي .
قال وقد ملأت عيناه الحيرة : حسنا سأطعمك مما هو متوفر !.
وفعلا ، غمرني ذاك الأجنبي بكرمه ولطفه ، اكلت والحمدلله انهيت معانات الحرمان تلك ، انهيتها مؤقتا ثم استلقيت بجانب الأطباق الفارغة  ، ثم نمت نوما عميقا .
أفقت على صوت محمد  يناجي شخصا وكأنه من جنسية اخرى -لأنه كان يحادثه بلغة عربية مكسرة- قائلا : هذا هو ، ما العمل ؟ ماذا نفعل به ؟.
اجاب الآخر: هذا سيجلب لنا المصائب علينا التخلص منه .
قال محمد : ولكن كييف ؟
قال : علينا فقط طرده .
قال محمد : هل جننت ؟ انه صغير ، وهذه منطقة خطرة .
قال : اذا تصرف ، انت تعلم اذا جائت  الشرطة لتبحث عنه سيكشف امرنا ونصبح في خبر كانا .
سكت محمد ولم يجب ، وانا اسمع حديثهما مغمض العينين ارتجف من شدة الخوف .

ذهبا ، وتركاني في حيرة من امري . مالعمل ؟ كيف الخلاص ؟ واين طريق النجاة ؟
من هؤلاء ؟ وماذا يفعلون ؟ وماذا سيحل بي حينما تشرق شمس الغد ؟
والأهم الآن ، من انا ؟؟

فرصة للعيش Dove le storie prendono vita. Scoprilo ora