على أمل ألا نلتقي

158 13 4
                                    

كنت قريبا جدا من أحد اللصوص الأربعة اللذين اقتحموا المزرعة ، ولحضة أن داهمت الشرطة ثلاثة منهم بهجمة احترافية عن طريق نافذتي الڤيلا ، خطفني الرابع وهددني بسلاحه في حال حاول أحد انقاذي من قبضته ، بعد ذلك نزل هاربا من مكان المداهمة وعن أعين الشرطة ومن خلال المزرعة ذهب الى غرفة أحد العمال في الجهة اليسرى من المزرعة .

وحين دخل وأقفل الباب والنافذة المطلة على الشارع ، هاجمتني طعنات من صوته اذ نادى "ابني" في شوق مزعوم ، وحاصرني برائحته النتنة حين حضنني ، شعرت وكأني اريد التخلص من جسدي ، ونسيان ما سمعته اذني .
حينها استنكرت ما سمعت ، فأبعدته بيدي قائلاً: ماذا تريد يا رجل ؟ أنا لا أعرفك حتى ! .
ابعد يديه ونظر بعينيه اللامعتين ثم ابتسم وقال : أتمازحني يا فتى ؟ أنا والدك ! ماذا بك ؟!
سكتُ في حيرة ، أعلم أني نسيت كل شي ، وأنه من المحتمل أن يكون فعلا والدي ولكن لم يعجبني أن يكون هو .
فجأة وأنا في غمرة تفكيري ، وضع يده على رأسي قائلا : لقد اعتقدت أنك مت !
ابعدت ناظري عنه ، ثم حركت رأسي لابعد يده عني ، ولكنه لم يبعدها بل بدأ يتحسس جروح رأسي القديمة حتى وصل الى الجرح الكبير اللذي في مؤخرة رأسي ، هنا مسكت يده وأبعدتها .
فقال : أتؤلمك ؟.
قلت : هذا ليس من شأنك !
قال : ماذا دهاك يا ولد ، اتصر على أنكاري ؟ .
التزمت السكوت والنظر الى الأرض .
أدخل يده في جيبه ثم أخرج هاتفه الذكي ، فتحه ثم عرضه علي قائلا: ألم تشتق الى تلك الأيام .
رفعت رأسي وتمعنت النظر في صورة وضعها خلفية لهاتفه جمعتني معه وهو يحملني على كتفيه ، كنا نضحك بكل ملامحنا .
قال : هذه الصورة هي حياتي ، أتعلم أنني دائماً ما أنظر إليها قبل أن أنام ، على أمل اللقاء بك .
كنت انظر إليه متأثرا بكل كلمة قالها ، ولكن تراجعت ونظرت الى الأسفل مرة آخرى .
ففتح هاتفه ثم مده الى ناظري لأرى ، فإذ به يقلب مجموعة من الصور جمعتني معه ، وكان يشرح عن كل صورة ويخبرني عن زمن التقاطها والمكان .
لاحظت حينها مدى الشبه بيني وبينه ، في زوايا العيون ، وطريقة الابتسامة ، وتعرجات الجبهة ، وطول الأنف ، وحتى منابت الشعر .
زاد الضغط علي كلما زاد يقيني بأنه والدي ، تضايقت اكثر من صوته الغير متوقف فقد كان يسهب في شرح تفاصيل الصور حتى أوقفته قائلا : حسنا ،  هذا يكفي !
فسكت وأبعد هاتفه عني .
نظرت إليه ثم قلت : اتعلم ! أنا لا أعرفك ... !
عقد حاجبيه بنظرة استغراب .
أكملت كلامي قائلا: أنا لا أنكر أنك أبي ، ولا حتى أقر ذلك ، أنا تائه بين هذا وذاك ، حتى أني لا أعرف من أنا ، ولا من هي أمي ، أخوتي ، أصدقائي ...
قاطعني رجل الشرطة بمكبر الصوت قائلا: سلم نفسك وسلم لنا الرهينة اللتي معك ....
نظر الرجل الى النافذة ثم نظر إلي وقال : لا عليك ستتذكر كل شيء لاحقا ، فقط ساعدني الآن لنهرب من هنا .
قلت : وإلى متى سنهرب منهم ؟.
قال : إلى أن تهدأ الأمور ، وحينها ...
قاطعت كلامه معاتبا : وحينها ماذا ؟ هل سنعيش يوما في أمن وسلام ؟
تفاجأ من سؤالي ولم يرد .
فأردفت قائلا : ومن قال لك أنني متحمس لأتذكر حياتي الماضيه ؟ أنا لا أريدها ! ولا أريدك ! لا أريد أي شيء من تلك الحياة ، لا شيء .
قال : ولكن قطعت كل تلك المسافات لأجلك ، أنا والدك .
قلت بانفعال : والدي !! إذا يا والدي العزيز ، هل لك أن تفسر لي لماذا كنت في مكان بائس في الخلاء وحدي والدماء تملأ جسدي .
سكت ،ثم نظر الى الاسفل
أكملت تساؤلاتي : لماذا كنت هناك ؟ وأين كنت أنت ؟ أجبني !
قال : سوف أشرح كل شيء ولكن علينا الخلاص من هذا المكان ، لذلك هيا بنا .
امسك يدي ليسحبني معه فأبعدت يده قائلا : أريد اجابات يا ...
فقال : قلها أني أبوك .
قلت : أجبني أولاً .

فرصة للعيش Where stories live. Discover now