النهاية ٢: ناولني القسوة

3.5K 311 325
                                    

لم يبكي سو هونغ على رحيل هانسول أو يوجين ، كان صامتاً و قوياً و مؤازراً ، رغم طيبته و حنانه التي أغدق أفراد عائلته بها ، هو كان يبكي رحيل أولاده لا دموعاً بل يبكيهم صمتاً و جفافاً ، الفرق أنه يبكي دون دموعٍ أو صوت ، بل ترك دموعه المجافية تسيل من مآقي زوجته

مشاهدتهم وهم يهيلون على ابنته التراب في ذلك المكان الضيق أوهنه ، و قصم ظهره ، أوشك في لحظة أن يهجم على الجميع ليبعدهم و يخرجها و يبكيها حق بكائها ، و لكن جسد زوجته المتهالك عليه ، و هي تبكي أضعفه ، فمال عليه يضمها له و هو يقبل رأسها يحاول أن يمنع عنها المشهد الذي يضم ابنتهما العزيزة التي لم ترجع معهم البيت التي كانت جدرانه تصرخ و تنتحب على فقدانها ..

الحزن كان يخيم على أفراد العائلة جميعهم ، حتى من هم خارج العائلة و أصدقاء يوجين في العمل ، من كان يبكي و من كان صامتاً حزيناً و من كان غير مبالياً لم يتسنى له معاشرتها من قبل ليبكي عليها .. أما عن سايجين فكانت في حالٍ غير الحال ، مبتعدة عن الجميع تقف بصعوبة على قدميها تستند على إحدى الجدران الباكية ، تشاهد من يخرج و يدخل من الباب المشرع ، و داخلها الذي يصرخ بفقدان جزء آخر منه ، يوجين لم تكن أختها فقط بل كلها ! وفاتها كانت الفاجعة الكبرى بعد موت هانسول ، انهيارهم هذه المرة كان مبكياً ، والدتها التي لم تستوعب الأمر بعد و التي تحاشت حتى الكلام معها ، ووالدها القوي الذي كان لا يتحدث و لكن ملامحه التي شابت فجأة حكت عن كل الوجع الذي تضج به دواخله ..

عدم حديث والدتها معها كان مؤلماً و مؤذياً ، لقد وضعتها أمها في زاوية بعيدة تمنعها حتى من مشاركتهم حزنهم !

أما تشانيول الذي احتضنها يومها ليبكيا الإثنين معاً ، تلك اللحظة قد لا تنساها إلا أنها لا تمقتها أيضاً ، استغرابها من الأمر لم يطل كثيراً إذ أن لا شئ يهم الآن ، فإن لا شئ سيعود كما كان أبداً ..

كانت لا تزال تحدق و إذ بشخص لم تستوعب وجوده يتوجه إليها ، وجهه يظلله حزن على حزنها و ألمٍ على ألمها ، لم تستوعب شيئاً حين انحنى يضم جسدها إليه ، غير أن عيناها اللتان التقطت تعابير تشانيول الذي أخفض رأسه بانكسار و هو يدير وجهه لناحية أخرى ، أدركت وقتها بأن الشخص الذي سحق عظامها من قوة احتضانه دون أن يدري كان ويليام الذي كان يقدم لها تعزياته الحارة و شوقه الحار دون كلمات ..

********

لقد رحلت !

تطلع بقهـر في أرجاء مشغلهـا ثم اتسعت عيناه بوجع حين لمح الفستان الذي توسط الغرفة و قد انتهت منه كما قالت له ، إذاً لقد تخطته أخيراً !

لمح علبة بيضاء و ورقة إيضاً ، فتحهـا بعينٍ دامعة ، و قرأ ما فيهـا بقلبٍ مكلوم

مثيلتها في المرآة ( الجزء الأول )حيث تعيش القصص. اكتشف الآن