اسطورة عبدالله بن سبأ

232 18 0
                                    

اُسطورة عبدالله بن سبأ:

وموجز هذه الأسطورة: "أنّ هذا الشخص اسمه عبدالله بن سبأ وهو يهودي من اليمن، أظهر إسلامه في عصر عثمان ليكيد بالمسلمين، فتنقل في الحواضر الإسلامية مصر،والشام، والبصرة، والكوفة مبشراً برجعة النبي(صلى الله عليه وآله وسلم)، وأنّ علياً هو وصيه، وأن عثمان غاصب حق هذا الوصي، فمال إليه وتبعه جماعات من كبار الصحابة والتابعين من أمثال عمار بن ياسر وأبي ذر ومحمد بن أبي حذيفة، وغيرهم، واستطاع أن يجيّش الجيوش لقتل الخليفة عثمان حتى قتلوه في داره - وهكذا تتسلسل حوادث هذه الأسطورة الموضوعة حتى تنتهي بحرب الجمل ـ حيث يأمر عبدالله بن سبأ أتباعه بالإندساس في جيش علي وعائشة دون علمهما، فيثيروا الحرب، وهكذا وقعت معركة الجمل" (1).

وكما ذكر العلامة السيد مرتضى العسكري (2)والذي تصدى

____________

1- أحاديث أم المؤمنين للعلامة العسكري ص272.

2- وقد نفى أيضاً وجود هذه الشخصية عدد من العلماء المحققين مثل الدكتور طه حسين في كتابه الفتنة الكبرى ج1 ص760، والدكتور كامل مصطفى الشيبي في كتابه الصلة بين التشيع والتصوف ج1 ص46 ـ 47.

الصفحة 88
___________

لكشف زيف هذه الأسطورة الخرافية: (إنّ واضعها هو سيف بن عمرو التميمي البرجمي الكوفي المتوفي سنة 170 هـ، ومنه أخذ جميع المؤرخين، ثم اشتهرت القصة وانتشرت في كتب التاريخ مدى القرون حتى يومنا هذا، حتى أصبحت من الحوادث الشهيرة التي لا يتطرق إليها الشك، وقد فات المعظم من الكتّاب والمؤرخين الشرقيين والمستشرقين أنّ هذه الأسطورة وضعها راو واحد فرد لا شريك له، وأنّ الراوي هذا ـ سيف بن عمرو ـ مشهور عند القدامى من علماء الحديث بالوضع ومتهم بالزندقة، حيث قال فيه أبو داود: "ليس بشيء، كذاب"، وقال ابن عبدالبر: "سيف متروك وإنّما ذكرنا حديثه للمعرفة"، وقال فيه النسائي: "ضعيف متروك الحديث ليس بثقة ولا مأمون".
وقد أخذ عن هذا الراوي الطبري وابن عساكر وابن أبي بكر ومن الطبري أخذ سائر الكتّاب والمؤرخون إلى يومنا هذا) (1).

ومن المعروف أنّ روايات الآحاد لا تفيد إلاّ الظن العلمي، ولا تفيد يقيناً، فما بالك إذا كان هذا الراوي غير ثقة وقد اشتهر بكذبه وزندقته، فهل تقبل روايته؟

وكيف يقبل أن يحكم على طائفة كبرى من المسلمين بالاعتماد على روايات آحاد ثبت كذب أصحابها، ويهمل ما تواتر

____________

1- بتصرف عن كتاب عبدالله بن سبأ للعلامة السيد مرتضى العسكري: ص47 ـ 71، 76 ـ 77.

الصفحة 89
___________

عن رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) من أحاديث تثبت عكس ذلك؟ وإنّه لمن أكبر مهازل التاريخ أن ينسب التشيع إلى رجل أسطوري ـ عبدالله بن سبأ ـ زاعمين نشره لفكرة "علي الوصي" بالرغم من وجود ذلك الكم الهائل من النصوص الصحيحة التي تثبت بأنّ التشيع لم يكن إلاّ محمدياً لا غير وراجع نصوص الإمامة في الصفحات السابقة لترى أين محل " عبدالله بن سبأ" فيها من الإعراب.

أعبدالله بن سبأ القائل: "إنّي تارك فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا، كتاب الله وعترتي أهل بيتي؟، أهو القائل: "من كنت مولاه فعلي مولاه"؟ أهو القائل باستخلاف الأئمة الإثني عشر؟

وأي مهزلة هذه تقول بأنّ رجلاً يهودياً يأتي من اليمن ويعلن إسلامه نفاقاً، ثم يعمل كل تلك الأعمال الخارقة والتي تصل لحد تسييره لجيوش المسلمين ضد بعضها البعض دون علم أحد فيه؟ وهل من المعقول أن يقع الإمام علي(عليه السلام)الذي قال فيه الرسول(صلى الله عليه وآله وسلم): "أنا مدينة الحكمة وعلي بابها" ضحية لخدعة هذا اليهودي؟ لاشك أن من يقول بذلك قد ضل ضلالاً بعيداً.

حقيقة الشيعة الإثنى عشرWhere stories live. Discover now