الفصل الثاني عدالة الصحابة

231 17 0
                                    

إن مسألة الصحابة ودرجة عدالتهم هي من أكبر المسائل المختلف عليها بين أهل السنة والشيعة، ومن أكثرها حساسية، فأهل السنة يرون الصحابة جميعهم عدولاً لا يتطرق إليهم الجرح، ولا يجوز نقدهم أو الشك فيما يروونه من حديث رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم)، وهم بذلك يلتزمون بكل ما رواه الصحابي.

والصحابي عند أهل السنة ـ كما ذكر النووي في مقدمة شرحه على صحيح مسلم ـ هو: "كل مسلم رأى رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) ولو لحظة، وهذا هو الصحيح في حده، وهو مذهب ابن حنبل والبخاري في صحيحه والمحدثين كافة" (1).

____________

1- صحيح مسلم بشرح النووي ج1 ص35.

الصفحة 108

وأمّا الشيعة فإنّهم يرون أنّ الصحابة لم يكونوا على درجة واحدة من العدالة، وهم معرضون للجرح والنقد مستندين في ذلك إلى أدلة دامغة من الكتاب الكريم والسنة المطهرة، وأمّا ما يفترى به على الشيعة بأنّهم يكفرون جميع الصحابة بالإضافة إلى سبّهم ولعنهم ما هو إلاّ كذب صارخ، فنقد الصحابي لا يعني تكفيراً له كما يشيع بعض السخفاء، وإذا كان ذلك النقد مبنياً على الأدلة المقنعة، فلماذا الغضب وكل هذه الضجة؟

ففي الصحابة مؤمنون أثنى الله عليهم في القرآن الكريم بقوله: ( لقد رضي الله عن المؤمنين إذ يبايعونك تحت الشجرة...)(1)،

فكما ذكر العلامة لطف الله الصافي بشأن هذه الآية: (إنّ الله تعالى قد خص الثناء بالمؤمنين فقط ممن حضروا بيعة الشجرة، ولم تشمل المنافقين الذين حضروها مثل عبدالله بن أبيّ وأوس بن خولى، فلا دلالة للآية على كل من بايع، ولا تدل على حسن خاتمة أمر جميع المبايعين المؤمنين، فالآية لا تدل على أكثر من أنّ الله تعالى رضي عنهم بيعتهم هذه ـ أي قبلها منهم ـ ويثيبهم عليها، فرضا الله عن أهل هذه البيعة ليس مستلزماً لرضاه عنهم إلى الأبد، والدليل على ذلك قوله تعالى بشأنهم: ( إنّ الذين يبايعونك إنّما يبايعون الله يد الله فوق أيديهم فمن نكث فإنّما ينكث على نفسه ومن أوفى بما عاهد⬅️

____________

1- الفتح: 18.

الصفحة 109
___________

⬅️عليه الله فسيؤتيه أجراً عظيماً)(1)، فلو لم يجز أن يكون من المبايعين من ينكث بيعته وكان رضا الله عنهم إلى الأبد، لما كانت هناك فائدة لقوله تعالى: ( فمن نكث فإنّما ينكث على نفسه)(2).

وفي الصحابة من أخبر الرسول(صلى الله عليه وآله وسلم) بردتهم بعد وفاته، ومن ثم هلاكهم يوم القيامة من خلال الحديث التالي الذي أخرجه البخاري في صحيحه بسنده عن سهل بن سعد قال:

حقيقة الشيعة الإثنى عشرWhere stories live. Discover now