عاشراً: ثورة كربلاء واستشهاد الإمام الحسين(عليه السلام):

301 17 3
                                    

بعد وفاة الإمام الحسن(عليه السلام)، في سنة خمسين للهجرة، شرعت الشيعة في العراق بمراسلة الحسين(عليه السلام) وطلبت منه أن يعزل معاوية عن امرة المسلمين، ولكن الحسين(عليه السلام) ذكر في جوابه إليهم أنّ له مع معاوية عهداً وميثاقاً لا يستطيع نقضهما.

وأما معاوية فقد كان يقوم طيلة العشرين سنة من حكمه بتهيئة وتوطيد الخلافة لابنه "الماجن" يزيد ليجعل منه أميراً للمؤمنين،
مخالفاً بذلك ليس معاهدته مع الإمام الحسن(عليه السلام) فحسب والتي عاهد الله عليها، وإنّما نقض وخالف ما عليه أهل السنة من اعتقاد بأنّ اختيار الخليفة يكون بالشورى، واشتراط الصلاح والتقوى فيه، لترى مدى الجرم الذي اقترفه معاوية بحق الإسلام والمسلمين، والذي تبعه على منهجه بقية خلفاء الأمويين والعباسيين والعثمانيين والذين يصعب تفريق غالبيتهم العظمى من حكام المسلمين الفسقة الفجرة في عصرنا.
وبعد موت معاوية سنة ستين للهجرة، تربع يزيد على سدة الحكم، فكان بلاطه بؤرة المجون والإثم، فهو وباعتراف جميع فرق المسلمين كان يحتسي الخمور علانية، ويشرب حتى الثمالة في السهرات الحافلة ومن أقواله المأثورة أشعار ضحلة نذكر فيها:

شغلتني خمرة الديدان عن صوت الاذان وتعوضت عن الحور عجوزاً في الدنان

ولا غرابة في ذلك، فيزيد تربى على يد مربية مسيحية، وكان كما يصفه المؤرخون شاباً أهوجاً، خليعاً، مستبداً، مترفاً، ماجناً، قصير النظر، وفاقداً للحيطة، وقد روي عنه أيضاً: أنه صلى مرة بالمسلمين صلاة الجمعة يوم أربعاء، وصلى بهم الفجر أربع ركعات بعد أن كان شارباً حتى الثمالة وغير ذلك الكثير الكثير مما ليس في هدفنا تبيانه، وإنّما ذكرنا لتلك الانتهاكات ما هو إلاّ وسيلة لإلقاء

الصفحة 102
الضوء على الظروف التي رأى فيها الإمام الحسين(عليه السلام) وجوب الانتفاضة والثورة مستهدفاً إحياء الإسلام والسنن الدينية بعد أن أصبحت مهددة بالمسخ والفناء، ولم يكن هدف الإمام الحسين(عليه السلام)في ثورته الاستيلاء على الخلافة والسلطة، فهو يعلم أنّ حظوظ بني أمية في المحافظة عليها أوفر وخصوصاً بعد نكوص أهل العراق ورهبتهم من الأمويين.
ويصرّح الإمام الحسين(عليه السلام) في إحدى خطاباته بالقرب من كربلاء عن سبب انتفاضته بقوله: "أيها الناس، من رأى إماماً جائراً يحلل حرمات الله وينقض عهد الله من بعد ميثاقه ويخالف سنة نبيه، ويحكم بين عباد الله بالإثم والجور ثم لم يغير بقول ولا فعل، كان حقاً على الله أن يكبه معه في النار" وكذلك قوله: "أيها الناس، إنّهم أطاعوا الشيطان، وعصوا الرحمان، وأفسدوا في الأرض، وعطلوا السنن واستأثروا ببيت أموال المسلمين، وحلّلوا حرمات الله، وحرّموا ما أحله الله، وأنا أحق الناس بالإنكار عليهم".

وعندما علم الإمام الحسين(عليه السلام) بالنكوص والارتداد الذي حصل في الكوفة، جمع أصحابه وأهل بيته الذين كانوا بصحبته وصارحهم قائلاً: "قد خذلنا شيعتنا، فمن أحب أن ينصرف، فلينصرف، فليس عليه منا ذمام" فتفرقوا من حوله يميناً وشمالاً، حتى بقي في أصحابه الذين جاؤوا معه من مكة والمدينة.

حقيقة الشيعة الإثنى عشرWhere stories live. Discover now