متعة الحج:

221 17 0
                                    

(وأما متعة الحج فقد عملها رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) وأمر بها مصداقاً لقوله تعالى: (فمن تمتّع بالعمرة إلى الحج... ذلك لمن لم يكن أهله حاضري المسجد الحرام) (2). والمقصود بذلك هو الاعتمار في أشهر الحج قبل الحج، وهو فرض على من لم يكن أهله حاضري المسجد الحرام.

وقد قيل عنه التمتع بالحج لما فيه من المتعة: أي اللذة بإباحة محظورات الاحرام في المدة المتخللة بين الإحرامين ـ إحرام للعمرة وإحرام للحج ـ)(3) وهذا ما كرهه الخليفة عمر أيضاً ونهى عنه بالرغم من أنّ الرسول(صلى الله عليه وآله وسلم) مات دون أن ينهى عنها، فقد أخرج البخاري بالإسناد إلى سعيد بن المسيب قال:

"اختلف علي (عليه السلام) وعثمان وهما بعسفان في المتعة، فقال علي: ما تريد إلاّ أن تنهى عن أمر فعله النبي(صلى الله عليه وآله وسلم) فلما

____________

1- البقرة: 61.

2- البقرة: 196.

3- الفصول المهمة للإمام شرف الدين.

الصفحة 177
___________

رأى ذلك علي أهلّ بهما جميعاً" (1).
وانظر في الحديث التالي الذي أخرجه البخاري في صحيحه والذي يظهر بوضوح أنه كان هناك من يجتهد في نصوص النبي(صلى الله عليه وآله وسلم)الصريحة فعن الحكم قال:

"شهدت عثمان وعلي (عليه السلام) ،
وعثمان ينهى عن المتعة وأن يجمع بينهما. فلما رأى عليَّ أهلّ بهما: لبيك بعمرة وحجة، وقال: ما كنت لأدع سنة النبي(صلى الله عليه وآله وسلم) لقول أحد" (2).

والرجل الذي أشار إليه علي(عليه السلام) في قوله أعلاه هو عمر بن الخطاب كما بينّا ذلك في مواضع سابقة، وأمّا عذر عثمان في رأيه ذلك هو أنّه عندما أخذت البيعة له كخليفة، اشترط عليه عبدالرحمن بن عوف بأمر من الخليفة عمر قبل موته أن يعمل بكتاب الله وسنة نبيه وسيرة الشيخين. فالنهي عن المتعتين كان يعتبر من ضمن سيرة الشيخين الذي لا يستطيع عثمان أن يحيد عنها، وإلاّ لما كانت الخلافة لتؤول إليه لو لم يبايع على ذلك الشرط. وقد تواتر عن الخليفة عمر قوله: "متعتان كانتا على عهد رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) وأنا أنهى عنهما" (3)، ويقصد بذلك متعتي النساء والحج.

____________

1- صحيح البخاري ج2 ص176 كتاب الحج.

2- صحيح البخاري ج2 ص175 كتاب الحج.

3- التفسير الكبير للرازي ج5 ص167.

الصفحة 178
___________

وكلام الخليفة عمر هذا يظهر بأن التصرف في حكمهما، إنّما هو منه لا من سواه، حيث روى أنّ المتعتين كانتا على عهد النبي(صلى الله عليه وآله وسلم)، ولم يرو نهيه(صلى الله عليه وآله وسلم)عنهما، بل أسند النهي عنهما إلى نفسه بقوله: "...وأنا أنهى عنهما".
ورحم الله من قال بشأن قول الخليفة عمر السابق:

"قبلنا شهادته ولم نقبل تحريمه".

والحقيقة أنّ من يتصفح تأريخنا الإسلامي بموضوعية وبعيداً عن التعصب، فإنّه سيجد الكثير من الأحكام الأخرى (وإضافة إلى المتعتين والتراويح) مما هو من اجتهاد الخليفة عمر وبالرغم من وجود ما يعارضها من نصوص ثابتة للرسول(صلى الله عليه وآله وسلم). إلاّ أنّ أهل السنة قد تقبلوا هذه الإجتهادات عبر الأجيال ظنّاً منهم أنّها من صنع الرسول(صلى الله عليه وآله وسلم)!!

حقيقة الشيعة الإثنى عشرWaar verhalen tot leven komen. Ontdek het nu