سابعاً: موقعة صفين وتمرد معاوية:

206 11 0
                                    

سابعاً: موقعة صفين وتمرد معاوية:

بعد أن تمّ لعلي(عليه السلام) النصر في موقعة الجمل، توجه بجيشه لتصفية المعارضة التي يقودها معاوية بن أبي سفيان في الشام، وتلاقى الجيشان عند الفرات، وقد حاول الإمام إصلاح الموقف


بالوسائل السلمية، إلا أنّ رد معاوية على الوفد الذي بعثه إليه الإمام كان: "انصرفوا عني فليس عندي إلاّ السيف"(1). وهكذا التحم الجيشان، وعندما لاحت تباشير النصر لصالح جيش الإمام(عليه السلام)، دبّر معاوية "خدعة المصاحف"، فأمر جنوده برفع المصاحف على رؤوس الرماح، ومع أنّ الإمام تصدى لكشف هذه المؤامرة التي يراد بها عرقلة النصر الذي كان وشيكاً لصالح جيش الإمام علي(عليه السلام)، إلاّ أنّ المطالبين بإيقاف القتال في جيشه لم يستجيبوا لنداءاته المتكررة واضطروه إلى قبول التحكيم، ورغم معارضة الإمام الشديدة لاختيار أبي موسى الأشعري كطرف ممثلاً عن جيشه في التحكيم لضعفه ووهن رأيه، حيث قال لهم الإمام(عليه السلام): "لا أرى أن تولوا أبا موسى الحكومة، فإنّه ضعيف عن عمرو ومكائده" (2)، وكان علي قد عزل أبا موسى عن ولاية الكوفة أيضاً.

وقد كان هناك تخطيط مسبق لرفع المصاحف والتنسيق لذلك مع حركة موالية لمعاوية مندسة في جيش الإمام والتي عملت على المطالبة بقبول التحكيم واختيار الأشعري ممثلاً في التحكيم، وقد جاءت نتائج التحكيم ـ كما توقع الإمام ـ لصالح معاوية حيث بدأ الأمر يستتب له شيئاً فشيئاً بعد هذا التمرد الكبير والخروج عن طاعة خليفة المسلمين بغياً منه وطمعاً في النعيم
____________

1- الفصول المهمة لابن الصباغ المالكي: ص87.

2- تذكرة الخواص لسبط ابن الجوزي: ص96.

الصفحة 91
___________

الدنيوي الذي طالما حلم به.
وقد كنت في الماضي استغرب كثيراً لهذه الواقعة التي قتل فيها ما يزيد على التسعين ألفاً من الجانبين، وكانت الإجابة كالمعتاد فيقولون: (إنها كانت مجرد فتنة حصلت بين صحابيين جليلين، وقد اجتهدا، فمن أصاب فله أجران ومن أخطأ فله أجر واحد، ولا ينبغي التفكير في ذلك، فتلك أمة قد خلت، لها ما كسبت ولكم ما كسبتم) وغير ذلك مما يسدون به أي باب من شأنه أن يكشف النقاب عن هذه (الفتنة) كما يسمونها.

وهكذا تبقى هذه المسألة بنظر أهل السنة معلقة وكأنها لغز غامض ليس له حل، مما فتح الباب على مصراعيه للمستشرقين ليدلوا بدلوهم في ديننا، حتى أنّ بعضهم قال بأنّه يوجد في الإسلام تناقض، مشيراً إلى حديث رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم): "إذا تلاقى المسلمان بسيفيهما فالقاتل والمقتول في النار" والذي يتعارض مع قول أهل السنة بأنّ الفريقين في موقعة صفين كانا مسلمين وقائداهما صحابيين جليلين!! فلماذا هذا الإصرار على عدم تمييز الحق من الباطل؟ فلماذا لا تقال الحقيقة إذن؟ وهل هي فعلاً غامضة؟

حقيقة الشيعة الإثنى عشرWhere stories live. Discover now