رؤى قلم (حكاية جدتي )

20 3 0
                                    

....( حكاية جدتي )....

تغريني جدتي بالكتابة عنها وهي تقف شامخة

باعتزاز تغلفها هالة مهيبة لم أدرك كنزها إلا عندما كبرت ..

كنز جدتي لم يكن في قيمة وكم الهدايا التي تملكها ولا في

سحر سردها للأشخاص والأحداث فقط بل

حتى في كلامها وسلوكها .. فلجدتي مع

يوم الجمعة فرحة كبهجة العيد تحرص اشد

الحرص على حسن الاستعداد له بملامح وقورة

تنطق طيبة ورضا ولسان لا يفتر عن ذكر الله فتجلس

تجدل شعرها المخضب بالحناء بروية وإتقان وتغضب حين يدخل

أحدنا غرفتها وهي لم تغطي جدائل شعرها بعد ، فكنت أعجب

لم هذا الغضب ؟ وحين أمضي معها للمحلات القريبة

تخرج والسواد يكسوها فكانت تمشي بتؤدة خافضة بصرها تدخل

بصمت تسأل باستحياء عن حاجتها وتعود فور قضاءها ولا تطيل وكنت ايضا

أعجب لم هذا الارتباك والعجلة ؟! وما بعد الظهيرة نعود

من المدرسة منهكين نقبل كفيها الباردتين فتلحظ إهمال اختي للبس

البنطال الطويل تحت لباس المدرسة فتعاتبها وتذكرها بجمال البنت

المتسترة وأعجب لم كل هذا الحرص ؟ وعندما نتشاغب

حولها ونلهو ونتراشق ببعض الكلمات فكانت تعتب وتتعهد ألفاظنا دائما

وتحثنا على ان يكون لدينا حياء حتى في الألفاظ .. وأعجب لم العتب ؟

وعندما تقارب الشمس للغروب وتجدنا متلحقين حول التلفاز

ينبهنا فزعها وتصفيقها بكفيها معلنة عن بداية التفرق للنهوض

إلى الصلاة وتقول بصوتها المخضب بالعتب ( استحوا من الله وقوموا صلوا ) وأعجب لم

كل هذا الفزع ولها مع التلفاز حكايات فكانت تغضب اذا

رأتنا مشدوهين اليه في غير الرسوم المتحركة فتبعدنا عنه

بالعابهم القديمة تارة وباختراع العاب جديدة تارة ،

وكانت تخبرنا بأن النظر حياء ، ولتأكيد ذالك تخبرنا عن بدايات

دخول هذا الصندوق العجيب للبيوت فتحكي

عن خالتي وعن مسارعتها إلى تغطية نفسها حالما ظهر

مذيع القناة لقراءة الأخبار فكنت أعجب لم هذه المبالغة ؟! فكبرت وعلمت أن غضبها

ومبالغتها وفزعها وحرصها حياء وتربية وتعويدا ،

وأن تلك الغلالة الشفافة التي تغفلها ماهو إلا حجاب الحياء ..

 مجلة حيائي حياتي Where stories live. Discover now