«١»

6.6K 323 125
                                    

صلوا على الرسول..

********

أجلس بجانب النافذة على الطائرة أحدق بالسحب بسعادة وأنا أستمع إلى إحدى الأغاني المحببة إلي، لا أصدق أنني وأخيرًا تمكنت من إقناع والديَّ بشأن إكمال سنتي الأخيرة في ثانوية أميركا، أو -كتدقيق- تمكنت فقط من إقناع أبي، أما أمي فليست راضية أبدًا عن هذا القرار؛ فهي أخبرتني بأنها تشعر بسوءٍ اتجاه الأمر، وعندما أخبرتها بأنني سأرحل مدة ثمانية أشهر فقط وليس مدى الحياة محاولًا إقناعها قالت بأنه حدس الام.

«حدس الأم» يا للسخافة، فبالتأكيد لن ألغي سفري بسبب حدس!

أفاقني من شرودي سماع صوت النداء الذي يبشر بوصولنا، كم أنا متشوق للقاء أعز أصدقائي، حسنًا، نسيت أن أخبركم بأنني لا أملك منزلًا في أميركا ولهذا السبب سأبقى بمنزل صديقي «آشتون» طوال هذه المدة وهو لم يمانع.

خرجت بعد أن أنهيت بعض الإجراءات فوجدته ينتظرني ويبدو أنه يقف هنا منذ مدة؛ فملامحه المنهكة تدل على هذا. أسرعت بخطواتي نحوه هاتفًا بسعادة وابتسامة كبيرة: «أهلا بالصديق، لا تعرف كم اشتقتك!»
«أنا أيضًا، لنتخطَّ هذا الترحيب الرتيب الآن وهيا بنا إلى منزلي؛ فقدماي تورّمتا من كثرة الوقوف» تهكم بمزاح جعلني أضحك من قلبي على تفاهته. أجبته: «معك حق، هيا بنا فأنا أيضًا متعب ويجب عليّ الالتحاق بالمدرسة غدًا».

ركبت معه في سيارته السوداء التي تبدو مذهلة، لا أصدق بأن صديقي الأبله يمتلك سيارة بهذا الجمال.
طوال الطريق كنا نتبادل الأحاديث الساخرة إلى أن وصلنا إلى منزله الهادئ، فمنذ افتراق والديه وهو يمكث بمفرده ولهذا لم يمانع بقائي معه طوال هذه المدة.

«هل ستحدق بالمنزل كثيرًا؟» أخرجني من شرودي بقوله بتهكم كالعادة، هو مزعج بالفعل.

«على رسلك يا رجل، سوف أنزل، أمهلني دقيقة لتذكر الماضي فقط» قلت بأسلوب شاعري فقاطعني مجددًا ولكن بضجر في هذه المرة: «تبًّا لك وللدراما التي تعيشها، أنا سأدخل وأغلق الباب ريثما تكمل ذكرياتك التافهة» ضحكت على ملامحه؛ لَكَم أحب استستفزاز الجميع! أعتبره من ضمن واجباتي اليومية، ولنكن صادقين، أنا من يفوز دومًا في هذه الحرب.

«حسنًا، أمزح معك، انتظر، لا تريد الدخول دون حمل حقائبي بالتأكيد، فأنا ضيفك، صحيح؟» نطقت بجدية مزيفة وأنا أشير إلى حقائبي التي تقبع على الكرسي الخلفي، ولم أستطع التمالك عن نفسي ففرّت ضحكة بسيطة مني في آخر الجملة، نظر لي وقلّب عينيه بتأفف، ثم همّ بالنزول ليسبقني نحو المنزل.

رأيته يغلق الباب بقوة بعد دخوله وهو يصيح بنبرة عالية: «ابحث عن أحدٍ غيري يتحملك؛ فمنزلي لا يرحب بك» ثم اختفى صوته نهائيًا، وهذا ما جعلني أهرع بالنزول والاتجاه نحو الباب لأبدأ بطرقه بقوة.

My own world || عَالَمِي الخَاصWhere stories live. Discover now