«٥»

2K 202 75
                                    

صلوا على الرسول صلى الله عليه وسلم.

*******

نحن نسير منذ مدة ولم نصل بعد، قاربت قدماي على الاحتراق وأما هي فتسير بكل أريحية. يا إلهي، ألهمني الصبر!

الصمت قاتل بيننا؛ فكل ما أفعله هو السير وراءها ولوم نفسي على طلبي الأحمق، لم أتوقع بأنه بعيد إلى هذا الحد، أقصد أنني أعلم هذه المدينة ولكن ليس بشكل جيد؛ لأنني غادرتها عندما أصبحت بالعاشرة.

«هل كدنا نصل؟» سألت لأقاطع الصمت الحاد بيننا، فأومأت لي إيجابًا، توقعت هذا منها. 

«ما رأيك بأن نلعب سؤالًا مقابل سؤال؛ كي نقتل الملل؟» طلبت بلطف تزامنًا مع إسراع خطواتي كي أتمكن من السير بمحاذاتها. 

«لا» أجابت ببرود ويا لمظهري المغفل أمامها! «لا بأس لوك» همست لنفسي وعدت لأصطنع ابتسامة صغيرة: «أنتِ حتى لا تعرفين اسمي». قلت بجدية فرفعت حاجبها قائلة بنبرة تكاد تسمع «لا يهم». ماذا؟ هل تمزح معي؟ كيف يمكنها اصطحاب شخص دون أن تعلم اسمه حتى؟! أعتقد بأنها مجنونة حقًّا، ماذا إن كنت أرغب بقتلها مثلا؟ صدقًا... أنا أفكر بقتلها بعد هذه الإجابة.

«تمزحين بالتأكيد إِلِي». قلت بقهقهة، ولكنها توقفت فجأة ولاحظت بأنها تضغط يدها بقوة لتبرز عروقها بينما قالت مصححة بصرامة ونبرة عميقة «إليري».

يا إلهي! هل كل هذا الانفعال بسبب قولي «إلي» بدلا من «إليري»؟ وأنا الذي اعتقدت بأنني أخطأت بشيء، الآن فقط بدأت أتأكد من كونها غريبة أطوار.

«حسنا إليري» تمتمت وأشرت لها بأن نكمل الطريق فاستجابت بالفعل عندما بدأت في التقدم. «حسنا، لا تسأل أو تتحدث مجددًا لوك» خاطبت نفسي بجدية وأكملت السير معها بصمت.

«لماذا؟» قالت هي بهدوء لتجلب انتباهي، فرددت فورًا بتشوش: «ماذا؟»

«لماذا تحاول الاقتراب مني؟» سألتني وهي تنظر إلى الأمام وكأنها تتحدث مع نفسها، أما أنا فقد تفاجأت من سؤالها، هذا غير متوقع من شخص هادئ وحاد الطباع مثلها، لا أعلم السبب الذي يجعلني أريد التقرب منها فهي لم تعاملني جيدا أبدًا، لا وجود لسبب منطقي.

أعتقد بأنه الفضول، نعم، إنه الفضول؛ فأنا أود حقًّا معرفة ما صحة شائعات الطلاب عنها. لن أخبرها بأنه الفضول لأن هذا سيكون وقاحة، لذلك قررت اتباع أسلوبها وهو«الصمت».

توقفت فجأة وظننت بأنها ستوبخني بسبب تجاهلي الرد على سؤالها، ولكنها عوضًا من ذلك رفعت يدها مشيرة إلى أحد الأسواق، وهنا علمت بأننا وصلنا. أنا حتى لا أملك مالًا بحوزتي في الوقت الحالي، يا للسخرية!

«أشكرك» قلت بابتسامة مزيفة لأعبر لها عن مدى امتناني وأنا أترقب ما الذي سيحدث. وكالعادة، لم تقل شيئًا والتفّت عائدة من حيث أتينا.

«يا إلهي، ما الذي فعلته بنفسي؟ ضيَّعت نهاري دون فائدة، أنا حتى لم أتمكن من الحصول على رقم هاتفها» صرخ عقلي وهنا دون تردد أمسكت يدها ﻷجبرها على التوقف تزامنا مع قولي: «هل أستطيع استعارة هاتفك لأتصل بصديقي؟ كي يرسل لي أحد معارفه». نظرت لي بتشوش فأكملت: «ليقلني للمنزل عند إنهاء التبضع» أنهيت جملتي بابتسامة بريئة.

شعرت بأنها مترددة قليلا فأردفت بترجٍّ: «أعدك بأنه آخر طلب، فقد نسيت هاتفي بالمنزل اليوم» ابتسمت بصدق في آخر الجملة فمظهرها وهي تفكر يبدو مضحكًا جدًّا.

رأيتها تناولني هاتفها بشك فقلت بمزاح: «لا تخافي، لن آخذه وأهرب». أقسم بأنني لمحت طيف ابتسامة على شفتيها ولكنها تمكنت من إخفائه بسرعة.

التقطت هاتفها ولحسن الحظ أنني أطول منها بمسافة تمنعها من رؤية ماذا أفعل، قمت بالاتصال بهاتفي والذي كان على الوضع الصامت داخل جيب سترتي كالعادة، نعم، أعلم بأنني أكذب وأنني شرير ومستغل، ولكنني أفعل ذلك فقط كي أتمكن من  تسجيل هاتفها ولحسن الحظ أنني نجحت في ذلك.

تظاهرت بأنني أتحدث مع شخص لكي أقنعها ومن ثم أعدت لها هاتفها بابتسامة لم أستطع كبتها. 

«أشكرك على كل شيء حقًّا» قلت بصدق فرأيتها تومئ بهدوء وهي تنظر لي وكأنها تود قول شيء ما. «لدي طلب واحد» همست بخفوت ولا زالت تنظر بعينيّ نظرة لم أفهم الغاية منها،  لقد كانت… حسنًا لا أعلم.

«بالتأكيد، أي شيء تريدينه» أجبت بنبرة صادقة فرأيتها تقترب قليلًا وهي تقول بحدة: «ابقى بعيداً عني» ومن ثم همت بالمغادرة، هي حتى لم تنتظر سماع ردّي، هذا إن كان ما قالته سؤالًا أساسا.

في الحقيقة، لم أتوقع أن هذا سيكون طلبها، لقد فاجأتني هذه الفتاة! ولكنني بالتأكيد لن أدعها وشأنها قبل أن أكتشف الحقيقة، إنني أجد هذا ممتعًا. همست لنفسي برضا: «شكرا لك عقلي الرائع» ومن ثم استقللت سيارة أجرة لتعيدني للمنزل.

****

«أهلا لوك، أين كنت؟» هتف آش عند دخولي المنزل فأجبت بعفوية: «كنت مع غريبة الأطوار كما تزعم» رأيته يقهقه على كلامي فسحبتُ موزة حتى آكلها فأنا حقًّا جائع، لقد بذلت جهدًا كبيرًا في السير.

قال آش بعد إنهاء نوبة الضحك: «كفاك مزاحًا وأخبرني أين كنت؟» رفعتُ حاجبًا بمعنى «هذه الحقيقة» ومن ثم جلست على الأريكة بجانبه.

استفهم بجدية وعلامات القلق بدأت تظهر على وجهه: «لا تخبرني بأنك لا تمزح؟». نطقت ببرود: «نعم، أنا لا أمزح، بل قمت بتسجيل رقمها دون علمها أيضًا، يا لي من بطل، صحيح؟» رأيتُ عينيه تخرجان من مكانهما وعروقه بدأت تظهر تزامنًا مع صياحه المضجر: «ماذا؟ أيها المجنون! كيف فعلت هذا؟» تنهد وعاد ليقول بنبرة جادة أفزعتني قليلا:

«بالتأكيد سوف تقتلك إذا علمتْ باﻷمر».

يتبع...

______________________

فضلا ضعوا " فوت " و علقوا ع الفقرات .

رأيكم بالبارت ؟
توقعاتكم ؟

و أرجوا منكم العودة و التفاعل على الاجزاء الاولى .

طابت أيامكم 💙

ملاحظة :
الصورة بالأعلى " آشتون " للأشخاص الذين لا يعرفوه .

My own world || عَالَمِي الخَاصWhere stories live. Discover now