الفصل الثالث ج3

2.7K 82 4
                                    

لست مقيدًا بأحد، فطريقة تفكيرك لا تشبه خاصته، وأيضًا مسئولياتك، لست مجبرًا على التوضيح، الشرح أو حتى التنازل.....
...................
في منزل شمس..
كانت شمس جالسة كعادتها في الأوانة الأخيرة، تثبت لهند بأنها تغيرت حقًا، وتغيرت نظرتها لهند، ولحياتها، لكن كل مرة تقول نفس الحديث"انتي متغيرتيش انتي بس عايزة تنتقمي مني بطريقة شيك ترضي غرورك، لأنك شمس مش سهل انك تتخلي عن حاجة غير بإرادتك، وتارك مستحيل تسيبيه" لتبتسم شمس بتلقائية على حديث صديقتها، ف دومًا ما كنت تفهمها بلغة العيون، لكن بزيادة البعد بينهما، هي لا تعلم حتى طريقة تفكيرها الجديدة، فشمس بعدما فقدت مصدر دعمها الوحيد المتمثل في وصديقتها، تغيرت أفكارها، فهل تغيرت حقـًا، أم أنها لا تعلم منحنى تفكيرها حتى تلك اللحظة.
ليقطع دوامة تفكيرها ذلك المجهول، صاحب الرسائل، لتبتسم بسخرية على ذلك الشخص، فبالرغم من عدم معرفتها له إلا أنها مستمتعة بتلك اللعبة لتعرف من منهما يستطيع الصمود لوقت أطول في لعبة المشاعر الكاذبة تلك من وجهة نظرها.
لترد عليه بأخرى"أحيانًا تجبر على فعل ماتريد في وقت لا تريده، ومع مرور الوقت يعتذر السلام وتذهب المحبة فأنت من اخترت طريقك بيدك"
وتغلق الهاتف نهائيـًا فهي لا تريد من أحد أن يطلب منها توضيح ما، فليس من عادتها التوضيح فقط الفعل لا غير.
....................
في منزل ميرا ومراد..
استيقظت ميـرا باكرًا كعادتها في الآونة الأخيرة، وخصوصًا بعد عودتها ومراد، أبدلت ملابسها، وصلت فرضها، ثم توجهت للمطبخ لتحضير طعام الإفطار لزوجها، وأثناء انشغالها، سمعت صوت باب غرفة النوم يفتح، لترى مراد متجها نحوها، وعلى وجهه علامات لم تستطع تفسيرها.
مراد بحدة طفيفة: مش سامعة صوت مروان وهو بيعيط؟!
ميرا بابتسامة: على فكرة الناس بيقولوا الأول صباح الخير وضحكة حلوة كدا على وجوههم، مش أسئلة، وتبعت حديثها بقبلة على خد مراد أخرى على جبين طفلهما.
ليضحك مراد، وتبعها بقوله: حبيبي اللي فاهمني كويس، احسن حاجة انك مش زي باقي الستات تقولي لي ما انا بحضر لسيادتك الفطار ونعمل خناقة من لا شيء.
ميرا بمزاح، ورافعه أحد حاجبيها باستفهام: وانت عرفت منين باقي الستات انهم بيتخانقوا الصبح؟ !
مراد بضحك بعدما قبل جبهتها: لأنك بالنسبة ليا كل الستات ي ميرتي.
ميرا بمزاح: خلاص عفونا عنك ي موري.
مراد: خدي منبهك دا لحد م أخلص، علشان أنزل.
ميرا بهدوء، ومداعبة للصغير: هات حبيب ميرا دا هنا.
وبالفعل أخذت مروان ثم تركها وانصرف حيث غرفتهم، وأثناء ذهابه التقطت أذنه كلمات ميرا وهي تداعب طفلها: عارف ي مارو بحب بابا أد ايه؟! مش هتصدق لان ابن قلبي كل يوم حبي له بيزيد.
ابتسم مراد بحب لتلك الميرا، فبالرغم من كل ماحدث بينهم، إلا أن حبها في قلبه كل يوم يزداد عن اليوم السابق له، ليتمتم بشكر لربه، ويدعو له أن يحميه لها ويحمي طفلهما، ويفكر بالتأكيد كيف يسعدها، فهي طفلته مهما بلغ بهم العمر.
....................
في منزل جاسر..
كان جاسر يتابع أحد أعماله على الحاسوب، حينما دلفت إليه شقيقته ملك، جلست بالقرب منه، ظلت مترددة اتفاتحه أم لا، لكن هداها تفكيرها انه لا مفر من معرفة ماترغب بمعرفته،
جاسر بهدوء: هتفضلي قاعدة كدا كتير كل ماتحاولي تتكلمي ترجعي في كلامك؟
ملك بتردد: بصراحة ي أبيه جاسر انا انا.... وسكتت برهه مبتلعه ريقها بتوتر، ليقطع عليها جاسر حديثها: انتي ايه!
ملك بتوتر ممزوج بالقلق: ممكن أعرف ليه مش عايزني اجيب سيرة رانيا في البيت، وكمان لما اجيب سيرتها كأن في كارثة أو زلزال حصل يقلب مزاجكم 360 درجة، وان جيت اتكلم ابقى مش مراعيه مشاعر حد، لازم أفهم ولازم اعرف ايه اللي حصل لأني....
ليقاطعها جاسر بصوت هامس كفحيح الأفعى: مش عايزك تجيبي سيرتها تاني، وإلا قسمًا بالله لهنسى انك أختي ومهيعجبك تصرفي، فاهمه!! قال كلمته الأخيرة بعصبية ممزوجة بالحزم، فهذا الموضوع بالنسبه له كتاب لن يمسه إلا بعدما يأخذ حق من ظلمهم.
ملك وهي تجفف دموعها وتهم بالنهوض: مش لازم تقول لي أنا هعرف لوحدي، بس صدقني وقتها مش هيعجبك تصرفي.
ليخرج جاسر من قوقعة بروده، ويتحدث معها لأول مرة بطريقة أجفلتها ودب الرعب في قلبها: طيب خليني اعرف انك فتحتي الدفاتر القديمة، صدقيني هتزعلي مني بطريقة مش هتعجبك، لأني لما أقول الموضوع دا منتهي يبقى منتهي، تمام..
لترد ملك بثبات واهي: لا مش منتهي، انا لازم اعرف....
لتشهق بصدمة بعدما رفع أخوها يده للمرة الأولى، تنصدم برد فعله، كانت تتوقع أن يثور لكنها لم تتوقع أن تسير الأمور عكس ماتوقعت، لذلك سحبت نفسها بهدوء من الغرفة بل من الشقة كلها، وذهبت حيث أخذتها قدمها.
لتفيق ملك من شرودها على صوت أخرجها من ظلمات تفكيرها، حتى تلك اللحظة، لتعلم بأنها جالسة بكافيه بعيد عن المنزل، ومازالت دموعها منهمرة على وجنتيها، كطفل صغير عاقبها والدها بعدما منع عنها قطع الحلوى.
ليهتف ذلك الصوت مرة أخرى قائلًا بجدية مصطنعه: كان نفسي أقابلك علشان اعرفك ازاي تكسري عربيتي من قدام وتهربي زي اللي عامل عامله.
عقب انتهائه من كلماته تلك جلس على المقعد المقابل لها، مد يده بأحد المناديل، ثم استأنف قائلًا: هعرفك بنفسي الأول، أنا مازن اللي كسرتي له العربيه، فاكرة ي أنسه ملك؟! قال كلماته الأخيرة باستنكار ممزوج بالتسلية.
لتخرج ملك من صمتها لأول مرة مذ جلست على تلك الطاولة: مبدئيـًا حضرتك مستأذنتيش انك تقعد، ثانيًا ودا الأهم لسانك الطويل يومها هو السبب، عالج لسانك أو قص منه حتة صغيرة كدا علشان تتعلم ازاي تتكلم باحترام، طبعـًا آخر حاجة مش هنتصاحب سيادتك علشان تعرفني بنفسك، قالت كلماتها الأخيرة باستخفاف، مما أدي إلى ظهور بوادر الغضب على ملامح مازن، وقبل أن يتحدث كانت قد خرجت من الكافيه بأكمله بعدما دفعت الحساب، أخذت تتمشى قليلًا علها تهدأ ثم حثتها قدمها على الذهاب للمنزل بعدما غلبها التعب، كل ذلك تحت إصرارها بمعرفة كل شيء حتى ترتاح وتعلم ماذا حدث حتى تكون حروف "رانيا" بكل ذلك التوتر.
.....................
في مكتب إبراهيم...
كان جالسـًا كعادته في الآونة الأخيرة، أخذ يتأمل صورة معشوقته على هاتفه، وذهبت به ذاكرته حيث يوم مولده من جديد، مولد إبراهيم جديد خاص لزينه ولزينه فقط، جلس بجوارها في زاوية بعيدة نسبيـًا عن أعين الجميع، ثم...
إبراهيم بحب: مش قادر اوصف لك سعادتي أد ايه، بتمنى أن سعادتي تفضل دايمـــًا معاكي وجنبك.
وما إن همت زينه بالحديث حتى وضع يده على فمها محاولة لمنعها بالتحدث، مما أربكها بشدة، ليتأمل إبراهيم ملامحها الخجلة، ثم يتحدث هامسًا: النهاردة انا اللي هتكلم وانتي تحاولي تستحمليني شوية، لأني لازم أقول لك حاجات كتيـر مخطط اني أقولها، اتفقنا؟
اكتفت زينه بإيمائه من رأسها دليل على موافقتها، ليتحدث إبراهيم مكملًا حديثه: أول مرة شوفتك فيها مكنش في الشركة يوم م كنتي جاية تتقدمي لوظيفة، أول مرة كانت في شارع قريب من صيدلية، كنتي بتشتري علاج وخارجه مستعجلة، كان عندي اجتماع قريب من المكان دا، أول ما شوفتك، صورتك اتطبعت في قلبي بتملك كدا، وبقيتي روحي اللي عايز أشوفها دايمـــًا، كنت بروح المكان اللي شوفتك فيه دا، بس القدر كان واقف ضدي وقولت لازم انساكي، لأنك مرات حد أو أخته وانا لو عندي أخت مش هقدر أن حد يبص لها، وفضلت طول م انا بصلي ادعي انك تظهري في حياتي من جديد وادعي لو ليا نصيب اني اشوفك تاني تبقي حلالي، ولو كنتي متجوزة يبقى ربنا يبارك في حياتك، وفضلت فترة طويلة بشتغل على اد م اقدر علشان انساكي، ولما خلاص يئست وقررت انساكي، ظهرتي قدامي من جديد، متتخيليش كمية السعادة اللي كنت فيها، حسيت ان باب الأمل اتفتح في قلبي من جديد، وقررت اني لازم اخد خطوة، بالرغم من اني كنت متعصب، وأعصابي مشدودة بس فعلًا لما شوفتك اتمنيت قرب قلبك مني، حسيت حاجات كتير، روحك، ضحكتك، وكلامك أسروا قلبي وخلوني مجنون بكي، أول واحد عرف كان هاشم حكيت له كل حاجة من أول مرة شوفتك فيها، كنت طاير من الفرحة لما لقيتك تاني، ولما طلبت اني اتجوزك والدي مكنش عنده مشكلة، لأن كل اللي يهمه سعادتي، بعد م كنت رافض الكلام في الموضوع دا، طبعــًا عارفة باقي الحكاية، بس اللي متعرفهوش اني كنت بحارب علشان قلبك يبقى جنبي دايمـــًا، كنت بحارب حتى لو اضطريت اهرب أنا وانتي ونبدأ من جديد، لما هاشم قال لي انك مش موافقة لاني واحد منهم، متعرفيش الكلمة دي خذلتني اد ايه، مش خذلان، لأ لأنك موثقتيش في حبي لكي، بس لما فكرت اكتر عرفت ان معاكي حق تقلقي، علشان كدا كان لازم اقنعك لاني فعلًا قلبي تعب من بعدك، كان شبه المهاجر اللي لقى أخيرًا راحته، فهمتيني؟! دلوقت انتي بقيتي قلبي النابض، علشان كدا لو لقتيني أهملتك ودا مش هيحصل طبعـًا عرفيني، متبعديش، لو لقتيني عصبي ضميني من غير ماتتكلمي وقتها عصبيتي هتختفي، في حاجات كتير هتعرفيها لما نبقى مع بعض، بس لو زعلتك غصب عني قولي لي لأن لكي حق عليا ودا من واجباتي تجاهك، اتفقنا!
فاق من شروده على صوت عامل القهوة وهو يضع الفنجان أمامه ثم انصرف، ليجعله يعود إلى أرض الواقع مرة أخرى.
.................

وعـدي ووعيـدي"ج2 أزمة نسب"..أسماء رمضان Donde viven las historias. Descúbrelo ahora