الفصل الثامن ج3

2.4K 94 10
                                    

هنالك الكثير في حياتك، بل أكثر من ذلك، منهم من يبتسم لك وخلف ابتسامته حقد مدفون، يتقرب ليعرف نقاط ضعفك حتى يقتلك بأسرع مايمكن، ليتخلص من شخصك، وآخرين يكملوك يحبوك لشخصك، ليسوا في الزحام يتنافسون على مصلحة ما، بمجرد انتهائها يمحوك كأنك لست موجود، يعرفون اختلافك فيميزوه، ف الاختلاف تكمله لا عيب، يلتمسون الأعذار لأنهم لا يتمنون شيء سوى سلامتك.....
.......................
في منزل ميرا....
تجلس بجوارها والقلق قد نهش قلبها، ف صديقتها لا تطلب منها القدوم إلا ل أمر ما، تتفرس تعبيراتها المسترخية، فيبدو أن الموضوع له علاقه بذلك الأبلة.. لتتحدث بهدوء عكس الصخب بداخلها قائلة: هتفضلي تبصي لي كتير ي ميرا؟! انتي عارفة اني جيت مضطرة، فلو في حاجة قوليها علشان امشي.
ميرا بهدوء: محمد ي هند؟!
هند باستنكار عكس أوتار قلبها العازفة: ماله؟!
ميرا بابتسامة متسلية: جالي امبارح وقرر انه يتجوز..
هند: وانا داخلي ايه بالموضوع!!!
ميرا بحنان: داخلك انك العروسة ي هند، داخلك انه عايزك انتي...
هند بحزن: مينفعش ي ميرا، مش هقدر أكمل معاه، محمد متسرع وانا عكسه، محمد مش بيسمع ولا بيحكم غير لعينيه وودانه، مش بيتأنى في قراره مهما كان...
ميرا بحزن لحال أختها الصغرى: بس انتي تقدري تغيريه، صدقيني هو متمسك بكي جدًا، وحاسه انك اللي هتقدري تغيريه للأفضل، لأن تناقد الشخصيات بيكملها، وانتوا الاتنين بتكملوا بعض..
هند بتنهيدة حزن: بس ي ميرا.......
لتقاطعها ميرا بإصرار: مفيش حاجة اسمها بس، انتي بتضحكي على نفسك ولا عليا، انتي بتحبيه، وعايزة تكملي معاه بس كبريائك رافض كدا، كبريائك هو كبريائه لأنكم واحد..
هند ببكاء: مقدرش...
ميرا بعند: محمد حكى لي كل حاجة، وانا قولت له كل حاجة عنك... 
هند بارتباك: قولتي له ايه بالظبط؟! وليه مقولتيش ليا!!
ميرا بعد أن ربتت على كتفها: متقلقيش انا قولت له اللي يخصنا سوا، غير كدا مجبتش سيرة، لو عايزاني اقول له معنديش مانع؟!
هند بعصبية: لأ مش هيعرف حاجة؛ لأنه لو عرف صدقيني فكرته عني هتقوى اكتر، مش غش بس احترام خصوصية، وقت م أكون حابة اتكلم انا اللي هقول له...
توقفت قليلًا لتأخذ نفسها، كالمحارب يلتقط أنفاسه بعد انتهاء المعركة، لتتحدث بجدية: أنا همشي دلوقتي، عندي شغل كتير، هنتكلم بعدين...
تركتها وانصرفت، تركت عقل يفكر في القادم، ويدعوا لها بحال أفضل والهداية...
....................
على أحد الطرق السريعة..
تقود سيارتها كالعادة منذ أتت إلى مصر؛ للذهاب إلى شركة حيث مراد، وذلك لمناقشة الصفقة الجديدة، حيث أنها المسئولة عنها، لتفاجأ بسيارة أخرى تقطع عليها الطريق، دب القلق في أوصالها، ونهشت الظنون عقلها، لكن كل استنتاجاتها ذهبت أدراج الرياح، حينما وجدته يهبط من سيارته بكل غرور، كالطاووس كان يتفاخر بمشيته، تود لو كانت كأحد مصاصي الدماء تمتص دماه بالبطيء لتذيقه ولو ربع آلام قلبها في الماضي، أو كأنثى العنكبوت تنهشه لتخليه عنها لأنه وجد طريق آخر، تتخلص منه ولها الحق في ذلك، كان في الماضي، لكن بوجود أصدقائها تخطت تلك المرحلة منذ زمن، لتراه يأتي باتجاه سيارتها يطرق على زجاجها يطلب منها الهبوط فهو يريدها في أمر ما، لتهبط ندا على مضض، متسلحة برداء الشجاعة، رداء فتاة قررت المضي قدمـًا وعدم البكاء على من خذلها. ..
ندا بتأفف: أفندم؟!
ليجيبها ذلك المقيت: وحشتيني ي نودي ومش عارف أوصل لك......
لتقاطعه بهدوء عكس النيران المتقدة بداخلها: تقوم سيادتك قاطع الطريق شبه الحرامية بالظبط.
ليضحك ملء شدقيه، ليقول بعدها: حرامي لأني بحبك!!
ندا متصنعه الدهشة: بتحبني؟! لا والله ضحكتني فعلًا، انت مصدق نفسك ي بابا، متأكدة زي م انت متأكد بالظبط انك قربت تاني علشان مصلحة، أو حابب تقضي شوية وقت وبعدين تسيبني تاني، وفيه احتمالات كتير بس انت تعرف اكتر مني السبب.
ليبستم داخله على تلك الفتاة، ود لو عرفها في ظروف أفضل من ذلك لتزوجها وخبأها بعيدًا عن أعين البشر، فبالرغم من تلك الأشياء التي حدثت في الماضي إلا أنه أحبها، لكنها الآن خطوة في طريق انتقامه معها وفقط من كانت السبب في وئد حب نداه داخل قلبه، ليستفيق على صوت المحرك وندا تغادر، ليبتسم بانتصار، ليقول من بين شفتيه بحقد ممزوج بالغيرة: قريب أوي هدمره وانتي معاه، في لعبة الانتقام مفيش حاجة اسمها حب، في كره أو موت.....
ليستقل سيارته ويذهب حيث وجهته.......
........................
في فيلا الراوي....
كانت تجلس بشرود تخطط لاحتلال ذلك المنزل، طرد ممدوح والانتقام منه عما فعله بابنة أخيها، لكنها طفلتها، اعتنت بها منذ الصغر، حذرتها من تلك العلاقة، فهي لم تر سوى الحزن والألم، عند هذا الحد ارتفع أدرينالها وعقدت حاجبيها لتنم عن خطة تجعل ذلك الممدوح عبرة لغيره، أثناء ذلك أتت الخادمة تعلمها بأن ممدوح وفهمي بانتظارها لتناول الغداء، لتذهب مجبرة تشارك ذلك المسمى بصاحب البيت طعامه، لتقول بتأفف: ايه ي ممدوح مش صابر لحد م آجي، بدأت تأكل لوحدك، أكيد هفتان ي حبة عيني، لم تكمل حديثها واستمعت لصوت ممدوح يسعل بشدة غير قادر على التقاط أنفاسه، عيناه محمرتان كالجمرة المشتعلة، يود إحراقها ولن يلومه أحد؛ لتبادر كوثر وتقف خلف ممدوح وتضرب بيدها عدة مرات على ظهره، في ظاهرها بأنها تساعده، لكن في باطنها فهي ضربة قوية بها كل الغل الكامن بداخلها تجاه ذلك الممدوح، بعد فترة جلست مكانها مرة أخرى، ليقول ممدوح من بين أسنانه بغيظ: متشكر ي كوثر مش عارف من غيرك كان زماني فين!!
لتجيبه كوثر بحماس: كان زمانك في جهنم مش محتاجة سؤال..
لتضحك بعدها كأنها تمازحه لكنه يعلم بأنها جادة في حديثها، لينصرف فهمي المتابع في صمت منذ البداية، كأنه بداخل فيلم يتلذذ بدور الأبطال، ليقول ممدوح بغضب: عايزة ايه مني ي كوثر؟! مش مطمناني بعمايلك دي...
كوثر بضحك: عايزة أخد روحك ي ممدوح، بس قبل م اخدها هعذبك بالبطيء، علشان تعرف أن الله حق..
وقبل أن تهم بالمغادرة، لم يلاحظ مافعلته، لتقول بتشفي: حاسب الشوربة سخنة شويتين، ليندهش ممدوح لكنه وئد اندهاشه بعدما أحس بشيء ساخن يقع على قدمه، ليتأوه من الألم، وفي قرارة نفسه بأنه يود التخلص منها مهما كلفه الأمر، لتبتسم بتشفي وتقول مشجعة روحها: كويس ي كوكو بس لسه اللي جاي أحلى، ولازم أعرفك مقامك كويس ي ممدوح بيه.
لتحط ابتسامة سخرية على شفتيها الناقمة.
.........................
في فيلا الراوي الجديدة...
طل الصباح بشمسه البارزة في محيط السماء، لتنهض زينه فزعة حينما تجد بأنها ليست بمنزلها، وإنما بمنزل عمها وزوجها إبراهيم، لتتذكر اعتراضه الشديد على وجودها بالمنزل بمفردها، إصراره إما أن يبقى معها هناك، أو تأتي معه إلى هنا، ورفضه التام لفكرة الذهاب عند ناهد وأحمد، حزنت لرفضه لكنها فرحت لعدم تخليه عنها، ليقطع شرودها صوت الهاتف معلنًا عن رسالة جديدة من ذلك الذي أسر قلبها منذ النظرة الأولى، تمنته  وصار حبيبها، زوجها وأخيرًا طفلها الكبير، لتقرأ رسالته بصوت عال نسبيـًا، كأنها تنعش حواسها بتلك الرسالة"قلبي الثائر كل ليلة بات مطمئن منذ الآن؛ لوجودك بجواره، نعم يفصلنا كمية من الرمل، الطوب، لكنه هاج يريد الاستقرار بجوار قلبك، أما روحي فعبرت كل ذلك لتقتنص الفرصة وتكون بجوارك، اقبلي قلبي ولا تدميه أكثر من ذلك"
لتجيبه زينه بنفس الحماس"روحك من تعطيني الآمان، قلبك يربت على قلبي دائمـــًا ليعلمني أن الدنيا مازالت بخير حينما رزقت بك، حبك يقويني، روحك تساندني، أما قلبك فهو نبع حناني"
لتغلق الهاتف وتستعد للهبوط حيث العائلة، وبعد مدة قصيرة هبطت لتجد الجميع يجلس حول مائدة الإفطار، ماعداه هو، لتندهش كثيرًا، أيعقل أن يخرج باكرًا هكذا دون إعلامها، ليخرج من ذاكرتها ويتجسد كواقع أمامها، ليقف بالقرب منها، ويتحدث بصوت خفيض: مقدرش طبعــًا أنزل قبل م انتي تنزلي، وخصوصًا بعد الرسالة دي..
لتحمر خجلًا من حديثه، ودقات قلبها ازدادت تطالبه بالتوقف حتى لا تصاب بحمى العشق، فهي اعتادت على الحديث معه براحة رسائل، لكن هكذا، لم تعتد أبدًا، ليقترب منها  أكثر، ويتحدث بجانب أذنها: "رزقت حبَّها ، من أستمد منها قوتي، قوتي هي وضعفي أيضًا، أحبك كل يوم أكثر من سابقه كأنك خلقتي لتكوني حاكمة قلبي فقط".
ليقاطعه مازن بمزاح: خلص ي سي روميو عايزين نفطر ورانا شغل، مش هنفضل نتفرج عليكم كتير...
ليمسك يدها بتملك، يبثها  القوة والأمان، حتى لا تخجل أمام أحد، فهي زوجته، ليتحدث إبراهيم بشماته: هنبقى نشوفك ي سي ميزو لما تخطب هتعمل ايه!!
ليضحك مازن بسماجة دون أن يجيبه، ليقترب منهم محييـًا الجميع وأيضًا زينه، ليجلس ويجلسها بجواره، دون أن يترك يدها، ليقول مازن المقابل له على المائدة: مالك قافش في إيدها كدا ليه، سيبها ي بابا علشان تعرف تأكل، ولا سيادتك ممشيها  على دايت.
ليضحك محمد وفادي المتابعين بمرح، صرخة ألم مكتومة من بين شفتي مازن بعدما دهس إبراهيم قدمه، عقابـًا على مزاحه الغير مبرر، ليقول حسين بهدوء مغلفـًا بالأمر: كفاية لعب عيال ويلا أفطروا...
ليبدأ الجميع بتناول الفطور، ونظرات  الصديقين تحكي انتقامـًا من نوع فكاهي، ف أخيرًا ستسنح الفرصة لمازن ليتسلى بصبر إبراهيم.....
......................

وعـدي ووعيـدي"ج2 أزمة نسب"..أسماء رمضان Donde viven las historias. Descúbrelo ahora