الفصل الثاني - تصرُفات مُريبة

244 24 40
                                    

عدلت نظارتها الطبية التي كانت على وشك السقوط أرضًا، إعتدلت أيضًا في جلستها فقد تشنج جسدها من النوم على كرسي مكتبها، ليس وكأنه أمامها حل أخر إلا الدراسة طوال الوقت، فهي تريد الأستعداد جيدًا، رغم أن مناقشة الدكتوراه الخاصة بها لن تكون إلا بعد سنة ونصف.

وقفت وحركت رأسها في الجهتين مع تمديد ذراعيها أمامها لفك التشنج، ثم خطت بتثاقُل إلى دورة المياة غمرت وجهها بالمياة لتفيق، ثم نظرت لنفسها في المرآة.

«من يراني الأن لن يعرف لوني الحقيقي من كثرة الشحوب.»

ثم تأففت، فهي دائمًا ما تكره أن يذبل وجهها بتلك الطريقة لدرجة أن معالمه لا تظهر، ولونه الحنطي اللامع يتحول للشحوب.

«أنتِ السبب الأول في قباحة وجهكِ، ولن تستريحي حتى تتحولين إلى مومياء.»

قلبت عيناها على سخرية فينيكس منها، فدائمًا ما تُزعجُها الأخيرة بتعليقات مستفزة كتلك، ويشجعها على ذلك عدم حبها للدراسة، ودائمًا ما تخبرها أنها دودة كتب، وحينها تصحح لها أديل أن دودة الكتب لقب يُطلق على من يقرأون كثيرًا ليس من يدرسون، فتقلب فينكس حينها عينيها وترد:

«الأمر سيان.»

رفعت أديل طرف القميص القطني الذي كانت ترتديه ونظرت لمعدتها في المرآة، وهنا صرخت:

«ألن أتخلص من هذا الشيء المقرف أبدًا!»

وتجهم وجهها، إرتدت نظارتها مرة أخرى وخرجت من دورة المياة لتضحك عليها فينيكس، وكانت على وشك أن تسخر منها مرة أخرى، ولكن أوقفها عن ذلك تاي، وبعد ذلك بقليل أصبحت أديل وحدها أخيرًا وعادت لغرفتها حتى تستأنف دراستها.

•••

«هل سيحضر جميع الموظفين هذا الحفل؟»

نظرت أوليڤيا لآدم ببعض الشك، فسؤاله لا يحمل نوايا بريئة أبدًا، لابد وأن وحش الغيرة الذي يسكن بداخله على وشك أن يخرج ما أن تُجيب. وضع آدم كوب الشاي الأخضر الخاص بها أمامها على الطاولة بحذر حتى لا يسقط محتواه على اوراق دراستها.

«هل تعني بالجميع ربما، چيمي؟»

نظف آدم حلقه حتى يبدو طبيعيًا عندما يصرح بكذبته التالية، فهو على أي حال لن يستطيع أن يخبرها حقيقة سؤاله، حتى وإن كانت تعرفها. أوليڤيا وآدم قد ناقشا من قبل أمر چيمي عدة مرات، ولأن چيمي هو صديق أوليڤيا الوحيد في المجلة التي تعمل بها؛ فآدم يشعر بالغيرة الشديدة منه بالإضافة لرغبته في إقتلاع رأسه ما أن يراه، أو أن تأتي سيرته أمامه، وخاصةً إذا خرج اسمه من بين شفتا أوليڤيا.

«لا، أنا حقًا أسأل عن الجميع.»

حك آدم ذقنه، وراحت عيناه تجوب المكان حتى لا تركزا على عينا الصقر المتمثلتان في عينا أوليڤيا، فهي دائمًا تكشف ما يدور بخلده من خلال عيناه.
ولأن أوليڤيا تعرفه جيدًا، فهي تعرف بالضبط ماذا يحاول أن يفعل. ولقد مر وقت طويل على تعافي آدم؛ ولكنها مازلت تشعر أن هناك جانبان منه، جانب آدم اللطيف، والذي يتغزل بها كلما سنحت له الفرصة، ويدعمها دائمًا، وجانب إيڤان، الذي مازال يسخر منها، ومن كل ما تفعل كلما سنحت له الفرصة، ويتحول إلى وحش مفترس ما أن تلفت إنتباه أحد الرجال.

ظُلمة النفسحيث تعيش القصص. اكتشف الآن