٤

98.1K 3.9K 130
                                    

الفصل الرابع.

بجريدة الحرية ..

_ خدي الاوراق دي امضيها!.
رفعت بصرها له وعيناها تسيل بالدموع، هتفت بتلعثم : ايه الاوراق دي..
اقترب منها قائلًا بنبرة خافتة خالية من اي مشاعر : دي عقد جديد علشان تشتغلي هنا بمزاجي، وبمرتب جديد وشرط جزائي جديد..
التفتت لتلك الحمقاء التي استخدمها لنجاح خطته، الان فهمت ما يحدث من حولها، الان فهمت مغزى ذلك الاتهام المرير، جذبت القلم من يده ثم وقعت بدون تفكير، وبعدما انتهت رفعت بصرها له قائلة : انا مضيت ويمكن ده ريحك من ناحيتي واحاول اصلح غلط زمان، مضيت وانا متاكدة انك مهما اتغيرت عمرك ما كنت تقصد أذيتي ولا تفكر في اذيتي، عن اذنك.
تقدمت نحو الباب وقبل ان تغادر التفت لتلك الواقفة باحد جوانب الغرفة بأمر من عمار، رمقتها بحزن ثم قالت بنبرة شبه منكسرة : ربنا يسامحك، ده كل اللي اقدر اقوله.
خرجت من الغرفة ،وتلقاها زملائها بنظراتهم المستفهة و المستنكرة واحيانا الشفقة عليها، أسرعت نحو الكافيه حتى تنزوي به بعيداً عنهم ...
اما في مكتب عمار كان يقف كالاسد يهاجم فريسته بقوة وبدون أدنى شفقة وهبطت صفعة قوية على وجنيتها خرج بعدها تأوه بسيط منها..
_ انتي اتجننتي كاميرات ايه يامجنونة اللي اخدتيهم عليها يشوفوها، انتي ازاي تفكري تكلميها كده وكمان تضربيها قدامي، ده انا هاطلع روحك في ايدي.
رفعت بصرها ترمق ذلك المجنون بعدم فهم، اليس هو من وضع تلك الخطة !!، والان يصفعها ويعنفها لاجل من اراد الانتقام منها بالامس!.
فقالت بعدم فهم : هو مش انت اللي طلبت مني ان اعمل كده؟!.
أشار اليها ان تعود بذاكرتها للامس قائلاً بعنف : ارجعي بذاكرتك كده يا متخلفة انتي!.
( فلاش باك )..
عمار بخبث : هاتخبطي فيها بالقصد وتكون شنطتك قريبة منها، ولما تلاقيها عندي، ادخلي حطيها في شنطتك، وبعدها ارجعي اعملي انك بدوري عن سلسلتك الدهب في شنطتك ولما متلاقيهاش اتوتري وبيني كده ودوري يمين وشمال لغاية ماهما يسألواا في ايه، وقتها تقوليلهم وصوتك يبقى عالي، الباقي عليا انا بقى، خلي في بالك وانتي بتخبطي فيها تكوني باينة للكاميرا، علشان وانا بواجهها تكون كل حاجة واضحة ، فهمتي؟!.
هزت رأسها وظهرت أبتسامة ماكرة على محياها : اه طبعا فهمت، بس ليه ده كله، واشمعنا دي؟!.
اقترب بوجهه منها وظهرت نبرة غريبة بصوته وملامح وجهه تغيرت في ثواني معدودة فاصبحت اكثر شراسة وقوة ليقول بغموض : مالكيش فيه، متتعوديش انك تساليني كتير على اللي هاطلبه منك واللي هاطلبه تنفذيه بدون تفكير!!، علشان انا لدغتي والقبر يا علياء..
( بااااك )..
_ افتكرتي ولا لأ يا هانم، كل اللي انتي عملتيه ده، انا كنت هاعمله هنا بيني وبينها والموضوع هايموت، لكن الفضيحة دي انتي اللي مسؤولة عنها، تطلعي فورًا تعتذري ليها وتطلعيها من ده كله...
كادت ان تتحدث، فعاد يستطرد كلامه بصيغة أمر واضحة : ماليش فيه غلطتك وتصلحيها اتصرفي، ياااالا.
تقدمت من الباب وقبل ان تخرج سألته بنبرة مهزوزة : وان موافقتش اعمل كده!.
اجابها بنبرة ثابتة : قولتلك قبل كده ان لدغتي والقبر، شغلك مستقبلك المهني والصحفي في ايدي، حافظي على مستقبلك أحسن!.
غادرت الغرفة ثم وقفت في منتصف المكاتب لتقول بنبرة مهزوزة : لو سمحتو يا جماعة ، انا عاوزه اقولكوا حاجة ..
الجميع انتبه لها، فانتبهت ان خديجة غير موجودة ، طلبت من زميلتها ان تجعلها تحضر في الحال، امتثلت زميلتها فورا وذهبت سريعًا لخديجة ...وجدتها تبكي منزوية باحد اركان الكافيه..
_ خديجة تعالي بسرعة عاوزينك بره؟!
غادرت قبل ان تستفهم منها، فخرجت خديجة وجدتهم مجتمعين يحدقون بها وبـ علياء، فخرج صوت علياء معتذرًا : انا بتأسف لخديجة عن سوء التفاهم  ده انا مقصدتش طبعا اهنيها او اي حاجة ، بس اظاهر حصل لبس في الموضوع، اظاهر سلستي شبكت في شنطتها انا بعتذرلك يا خديجة ، واتمنى انك تسامحيني؟!.
تقدمت منها خديجة ثم عانقتها تحت صدمة علياء، فهمست خديجة بتشفى : طبعا انتي متوقعة ان اضربك بالالم زي ما ضربتيني قدامهم، بس انا مش هاعمل كده، انا هاكتفي بنظراتهم ليكِ و علامات ايده اللي على وشك، برغم انك ضربتيني بس انا متكسرتش زي ما انتي مكسورة كده دلوقتي!!، منظرك ايه قدام نفسك وانتي لعبة في ايده!!!.
ابتعدت عنها خديجة وهي تنهي حديثها بابتسامة صفراء تحمل بين طياتها التشفي منها، صفق الجميع لخديجة وتزايد حديثهم عن مدى طيبة قلبها، وانقلب الوضع رأسا على عقب، تركتهم خديجة ودلفت الى الكافيه مرة اخرى، اخذت متعلقاتها وقبل ان تخرج اوقفتها زميلتها السابقة :
_ حقيقي انتي اثبتيلي انك قلبك طيب اوي، انا اتوقعت انك تضربيها بالالم..
ابتسمت خديجة بحزن : اوقات النظرات بتوجع الف مرة يا سميرة من الضرب!!، الضرب ده للانسان الضعيف بس!.
اقتربت منها سميرة وهى تبكي فجأة : انا عاوزه اعتذرلك يا خديجة، انا كان في ايدي ابرئك وسكت !!.
قطبت ما بين حاجبيها بعدم فهم : مش فاهمة قصدك!!.
هتفت سميرة موضحة  : كان في ايدي ان افهمك قبل ما تروحي لاستاذ عمار هو عاوزك ليه؟!، انا سمعتهم امبارح غصب عني والله وهو بيتفق معاها، كان ممكن احذرك بس خوفت منه، انتي عارفة انا بصرف على امي وابني، خوفت يعرف يرفدني وخصوصا باين انه مجنون وافعاله غريبة ، سامحيني يا خديجة .
هتفت بحزن : اللي بيسامح ربنا يا سميرة، عن اذنك علشان بنتي اتاخرت عليها..
..........
بمنزل رأفت...
دلفت لغرفه عمها وهيا تشجع ذاتها بأخباره بقرارها الاخير بعد تفكير مضى.... وجدته يجلس بجانب النافذة ،  يطفئ سيجارته ويقوم باشعال الاخرى غير منتبه حتى لدخولها، تقدمت منه تجذب سيجارة من يديه وتضعها جانبًا قائلة بعتاب : سجاير كتير كده غلط يا عمو على صحتك.
لم يعيرها انتباه لحديثها والتفت بجسده للجهة الاخرى، اما هي فقالت : انت زعلان مني ولا ايه!.
انفعل رأفت فجأة ووقف يهتف بغضب : اه زعلان منك  يعني ايه ابلغه بكلامك اللي قولتيه من شوية ده ، هو انا عيل قدامك، علشان نجيبه ويتقدم وتاني يوم لا مش عاوزين شكرا!..
تجمعت الدموع بعيناها سريعًا فحاولت التبرير : مالك ده انا مش حاساه ولا فاهماه، منين معجب بيا ومنين متخشب كده، ده انهارده كانه بيقضي واجب عليه وخلاص حتى الدبلة المفروض يلبسها مش عاوز يجيبها، وكمان مخدش رايي نعمل حفلة خطوبة ولا لأ، نهى موضوع وخلاص، ده جابني على هنا وخلاص، زي مايكون حد غصب عليه الجوازة دي.
هتف رأفت بعصبية : الراجل كان معاكي صريح من الاول، وقالك كل حاجة، وقولتلك شغله مأثر عليه وعلى حياته، واللي انتي بتفكري فيه ده شكليات خطوبة ايه ودبلة ايه!، وبعدين فين الناس اللي هاتحضر الخطوبة انا وعمك سمير وانتي وهو وبس اللي هنبقى موجودين ،فعلا هتبقى حفله تجنن !!، انتي مالكيش صحاب يسندوكي في يوم زي ده!.
شعرت بالقهر من حديثه فقالت  : ماليش علشان انت كل ما اصاحب حد لا سيبي دي، بلاش دي، دي بنت مش كويسة ، حضرتك تدخلت في حياتي، حتى دراستي فرضت عليا حاجة معينة علشان منزلش كتير، وكل شوية بننتقل من محافظة لتانية مش ذنبي ان استحملت ده كله وسكت..
تملك الغضب منه وشعر انه لو استطاعت نهله ان تعرف مكانها وعملت ندي بعائلتها ستكرهه وتختار العيش معهم عوضاً عنه، هنا ادرك أهميه حديث سمير، فقال بحزن  : كتر خيرك يا ندى انك استحملتيني وسكتي ومتكلمتيش، بس انا كنت بتعامل بخوف مع بنتي، بنتي يا ندى.
تركها  وغادر غرفته ووصل حزنه لقمته، أصبحت ندى ناضجة وبدأت تكره حياتها معه، من المتوقع انها  في يوم من الايام ستتركه ويبقى هو  وحيد، عاش حياته باكملها يحاول حمايتها ويعاملها كانها ابنته ، يجب ان ينهى تلك المهمة بسرعة ويقدم استقالته بعدها ويأخدها الى بلد اخرى، يأسس معاها حياة جديدة بعيدًا عن مخاوفه ، مر دقائق  وهو مازال يفكر، قطع تفكيره مجيئها له  ووجهها ارضاً
رأفت بحزن : موطية وشك ليه!!.
رفعت وجهها وكان ملئ بالدموع  : انا اسفة جدا، انا لما قولتلك ان استحملت وكده....
صمتت فجأة ثم بكت بقوة لانها شعرت بمدى خطائها اتجاه  عمها!!، الذي افنى حياته رافضا الزواج من أجلها .
تقدم منها رأفت ثم مسح دموعها  وقال بحنان أبوي  : ندى انتي بنتي اللي مخلفتهاش، انا يابنتي والله بحبك جدا وبخاف عليكي لو كنت بدخل في حيااتك وبمنعك عن صحابك فده من كتر خوفي عليكي، انا شغلانتي صعبة وممكن تتأذي بسببي.
عانقته بقوة قائلة: عمو انا مقدرة ده كله، بس مالك ده انا خايفة حياتي تبقى معاه تعيسة ، فخليني بعيد احسن!.
تعيسه!!، تلك الكلمة كانت بمثابة حبل قوي يشنقه ، ولكن حديث سمير يتكرر باستمرار باذنه ، تجاوز حديثها سريعًا  وبدء اقناعها : مالك شخصية صعبة مش سهلة ومش من عيال شباب اليومين دول، لا ده راجل تصرفاته تبقى كلها رجولة وشدة علشان هو متعود على كده، هو كان صريح من الاول متستنيش منه من اول مقابلة كلام حب مثلا!.

قلوب مقيدة بالعشقWhere stories live. Discover now