٢١

87.6K 3.7K 193
                                    

الفصل الواحد والعشرون

فتحت عيونها بصعوبة واعتدلت تنظر في ارجاء الغرفة تبحث عنه، لقد شعرت به بالامس، التقط انفها رائحة عبقه ، شعرت بيده تمسد على يديها وشعرها ،، شعرت بملمس شفتاه على وجهها وثغرها ، نهضت بصعوبة تبحث عنه.. خرجت من غرفتها وجدت خديجة تجلس بجانب ايلين وتتحدث معاها ، لمحتها خديجة تقف على أعتاب الغرفة ، نهضت بسرعة قائلة : الف سلامة عليكي يا ندى..
مدت ندى يديها واستندت على خديجة قائلة بوهن : مالك فين..
اجابتها خديجة وهي تساعدها على الجلوس : جه امبارح واطمن عليكي وبعدها مشي علشان شغله..
سألتها ندى : وهو ايه اللي عرفه ، اخر حاجة فاكرها ان جيتلك وبعدها..
قالت خديجة بابتسامة : وبعدها وقعتي من طولك وانا روحي اتسحبت مني، وفي نفس الوقت كان فارس طالع على السلم يطمن عليكي، الحمد لله دخلناكي جوه وجاب دكتور قالنا ان عندك برد شديد ودرجة حرارتك كانت عالية أوي، الدكتور مشي من هنا مالك جه من هنا وفضل معاكي لغاية الصبح وبعدها مشي..
سقطت دموعها بغزارة قائلة: وهو مش عارف يستنى لغاية ما يطمن عليا.
زمت خديجة شفتاها قائلة : اعذريه شغله  بردو صعب يا ندى..
مسحت ندى دموعها لتقول بلامبالاة ظاهرية : مبقاش يفرق..تعبتك معايا يا خديجة ..
ربتت خديجة على يديها : تعبك راحة يا ندوش، انتي بقيتي أختي ومفيش بين الاخوات الكلام ده.
..........
فرك جبينه بتعب، علامات الارهاق تحتل ملامحه بقوة ، لم يذق جفنيه طعم النوم منذ الامس، تنهد بحزن وهو ينظر لسقف الغرفة مفكراً بها وبحالتها، أغمض عيناه عندما تذكر بالامس صوت فارس وهو يخبره بمرضها، وقتها فقط شعر بقلبه يخرج من موضعه، لم يعرف كيف اختصر الطريق ولم يعرف كم كانت سرعته، كل ما كان يشغل ذهنه هي فقط، يريد ان يطمئن عليها، تذكر تلك الساعات المعدودة على أصابع يده التي قضاها برفقتها، لاشك انه أخذ طاقة منها عندما روى صدره وشغفه بها، وامتلئ قلبه بذلك الحنان المنبعث منها حتى وهي ترقد لا تشعر به، وشبعت عيونه برؤيتها، بعدما نفذت طاقته عادت تتجدد برؤيتها من جديد .. تمنى ان لو لديه شئ سحري يخترق ذلك السقف ويراها ويقضي معاها اطول وقت ممكن وخاصة عندما تذكر ان هذة المرة سيطول غيابه بالتأكيد بعدما اتخذ قراره بإنهاء اجازته وان يعود لعمله بأسرع وقت حتى ينغمس به ويحاول ان يشغل تفكيره بشئ اخر...
نهض بصعوبة من فراش صديقه عندما قرر بالامس ان يبيت عنده، ارتدى ثيابه وخرج من الغرفة وجد فارس يحضر الطعام قائلاً : بتعمل ايه !!.
رفع فارس عيونه قائلاً وهو يشير للصحن بيده : عملتلك مكرونة رهيــبة ..
تقدم منه مالك وهو يضع سلاحه خلفه : كُلها انت، انا هامشي.
تحدث فارس بحنق : ياض قدر وقفتي وانا بدخل على النت بجيب طريقتها، وربنا ريحتها تحفة ، وقعت على قناة طبخ ايه انما لذيذة..
ابتسم مالك ليقول باستنكار : طبخ، اخرتك تطبخ..
جلس فارس مكانه قائلاً بغيظ : جوايا غيظ يا مالك وخايف اتهور على سراج اكتر من كده تلاقوني لابس البدلة الحمرا، فقررت اتجه للطبخ .
ضحك بخفة ليقول : سراج عاملك جنان في دماغك..
وضع فارس امامه هدية يارا قائلاً باستنكار : شوف اختك جايبلي ايه وبتحرق دمي .
فتح مالك العلبة وجد سلسال به صورة ياسمينا .. فقال فارس بضيق : على أساس ان انا بلبس سلسلة مثلًا أختك دي هبلة ولا هي شايفني ايه، لا وحاطلي صورة ياسمينااا..ربنا ياخد الكفرة بجد علشان انا اتخنقت منها .
ربت مالك على كتفه ليقول : معلش استحملها، انا هاقوم امشي..
نهض فارس يقف بمقباله قائلاً : طيب اطلع اطمن عليها علشان ترتاح.
هز رأسه برفض : لأ انا هامشي مينفعش ارجع في قراري...سلام...
غادر مالك، أطلق فارس تنهيدة قوية قائلاً: قلوبنا متقيدة بالحب والعشق..لغاية امتى هانفضل في العذاب ده.
التفت بجسده ينظر لهديتها ليقول بغيظ : لغاية امتى هافضل مستحمل غبائها .
........
تقلب بفراشه يمنياً ويساراً عقله أرهقه من التفكير، وقلبه أرهقه من عشقها، ضغط بيده على الغطاء مشددًا عليه بغضب عندما تذكر أمس وحالة الضعف التي انتابته معها، ماذا فعل احتضنها وظهر ضعيفًا أمامها، أين وعوده لنفسه أين انتقامه، نسي كل ذلك، نسي حديثها اللاذع والموجع له ، كيف له ان ينسى وهو يتذكره يوميًا وفي كل ساعة وفي كل لحظة ، يتجسد امامه الموقف وكأنه البارحة وليس من ثلاث أعوام .. أغلق عيونه متذكرًا أكثر لحظة انفطر قلبه بها...
( فلاش بااك )
سارت بجانب والدتها بخطوات مملة وبطيئة ، عيناها على المارة ، وقلبها وعقلها متعلقين بـ عمار، خطوة تلو الاخرى، الالام تغزو رأسها بقوة، وقفت لثواني تغمض عيناها بقوة ، شعرت بيد قوية تعرف ملمسها جيدًا ، تجذبها بعيدًا عن الزحام ، فتحت عيناها وجدت عمار يتقدم بها بسرعة كبيرة الى أحد الطرقات المظلمة ، حولت بصرها الى الخلف لترى والدتها، لم تجدها ، حاولت ان تخرج صوتها وتنهره حتى يبتعد عنها، ولكن لم تستطيع ، فتركت لنفسها محاولة الاشباع منه ومن نظراته ، فهذه المرة ستكون الأخيرة ، لتمعن قلبها وعقلها وتروي عطش حرمانها منه....

قلوب مقيدة بالعشقWhere stories live. Discover now