الفصل الرابع

228 5 0
                                    


- يا لها من ليلة طويلة!!!

رمى جسده على الأريكة العريضة لتصدر صرير طلباً للرحمة ممن يرقد فوقها، حرك ذراعيه القوية ليتوسد رأسه المرهق بكل ما حدث له وكيف تتغير مسارات حياته وخياراته صارت أوهاما... ظل يفكر لِمَ نحاسب على خياراتنا إن كانت بالأصل هي فروض لطرق يجب أن نسلكها وقت تغيب فيه كل الخيارات ولا يتبقى سوى طريق واحد دون الموت!!! الموت... كلمة ترددت مطولا داخل عقله, همس بخفوت: ربما الموت كان أفضل الحلول المطروحة صارب... ليتك كنت بعداد قاطني القبور الآن!!

عادت أفراس عقله لسباق المارثون داخل ذاكرته التي أصرت أن تعيد كل خياراته أمامه وهو يراها بعينه تهرول بالطريق خارج النافذة الزجاجية...

بعد يومين فقط من خروجه من ملهى تيهان:

خرج مساء من إحدى الملاهي بصحبة إحدى الفاتنات التي تعلقت بكتفه تريده وهو يعلم متى يتركها لأنها تستحق هذا من وجهة نظره, وقبل أن يدلف سيارتها التي استقرت مفاتيحها بكفه عندما قذفها له حارس الملهي خرج فحيح صوت يعرفه من خلفه مباشرة: هل ظننت أنني لن أجدك صارب بمدينتي التي أحفظها كخطوط يدي؟!!

لم يغير من حركات جسده فقط يديه تعمل بخفيه فظهره العريض يمنع الرؤية عن المتفاخر, ترك لها المفاتيح فوق المقعد ولوح لها بأصابعه لتسير بها بعيدا, وضع أصابعه فوق حزامه يتحسس مقبض سلاحه الذي قد يحتاج إليه, بينما المراة فهمت أنه قد لا يكون هناك صارب غدا وليكن هناك غيره المهم حياتها... قادت بهدوء وهي تلوح له مغادرة, استدار ليواجه من أرادوه, داخل عينيه نظرة فارغة خالية من أي شعور فالحياة في مفهومه هي ذرة من غبار لا تعنيه، يحافظ على حياته ليكمل طريقه ويستعيد نفسه ولكن إن سلبت روحه لن يبكي أو يبكيه أحد هو الوحدة ذاتها...

- هاي تيهان... ألم تنل كفايتك؟!! هذه ثالث مرة نتواجه وكل مرة تكون أنت الخاسر للكثير!!!

أنصت الرجل الجالس بالمقعد الخلفي داخل سيارته الفان المصنعة خصيصاً من أجله مصفحة كدبابة حربية, وأخرج سيجاره ليلقي به من النافذة المفتوحة في حركة فهمها صارب جيدا, لقد ملّ تيهان الحرب بينهما... لقد أفقد صارب كل شيء حتى يصل إليه ليعمل معه في بيع كل شيء وأي شيء حتى لو كانت أم تيهان نفسه, فهو حلقة بسلسلة الفساد القذرة التي ما إن تستلم إحداها حتى لا تنتهي وتجد ذاتك تهرول لتصل لأخرها وكأنه عقد قدري فرض عليك... لمح صارب الغدر من الرجال المرافقين له بالسيارة الخلفية فما كان منه سوى التراجع للخلف ودخل بلمح البصر داخل الملهى مرة أخرى مجتازا كل الموائد ليصل للمنطقة الخلفية حيث المغاسل, وهناك يعرف النافذة التي تضيق به حتى يخرج جسده منها كوليد داخل رحم أمه يخرج بالدفع ليصل للجهة الأخرى الخلفية حيث خريطة الأزقة التي يعلمها كخطوط يده, مسد ملابسه وبدأ يستعيد أنفاسه اللاهثة: اللعنة عليك تيهان!!!

كي أمنحك وردة!![سلسلة لا تعشقي أسمراً(2)]Tempat cerita menjadi hidup. Temukan sekarang