الفصل الخامس

237 6 0
                                    


- لن أستمر!!

انتفض الجسد الرشيق ملقياً مظروفاً على المكتب الفخم لتبرق عيون رجل رشيق آخر, رغم الفارق العمري من يراهما يدرك أن الغاضب امتداد طبيعي للرجل الجالس.

- أنت تعلم ألا حيلة لدينا في أن نكمل الطريق التي بدأناها!!!

ضم أصابعه في قبضة حتى كاد يكسرها، وهدر بصراخ يخفي درجة التوسل بكبرياء: سنفقد كل شيء... كل شيء!!!

وضع الرجل الشاب كفيه على سطح المكتب ليواجه الرجل الجالس بارتجاف ظهر بين كتفيه: أنت من سيفقد ما عشقته العمر كله... فقط أنت من سيفقد!!

لم يتح للجالس حق الرد وأردف: أنا لا أملك شيئاً لذا ما أسهل الخسارة!

عاد يقبض على المظروف الذي سبق وألقاه ماداً إياه: هنا كل ما يخص نواه تشارلستون أوغلو.

صرخ ألم داخل عينيه المتفحمتين مستطرداً: دعه يكمل المهمة... هو من تفخر به وتعترف منعم!

ألقى له ذات النظرة المتهمة المحتقرة لكل ما يمت للرجل بصلة قبل أن يبهته بالكلمات: ستجد العشرين بطاقة ائتمانية كاملة لم تنقص شيئاً فلا تخشى على ثروتك، ومعهم جميع المفاتيح الخاصة بالطائرة والجناح الفندقي والقصر، وكذلك أوراق نواه التي تم استخراجها لي.

استمر محدقاً بعيون سوداء بفعل الأعاصير التي تموج بها: سأعود لأخذ حقيبتي وأوراقي الثبوتيه.

رفع كفيه من فوق المكتب وكأن ضربة حسرت قلبه بوجع: أنا عائد لصارب... لذاتي... ما لي أنا بمشاريع الحب والزواج؟! لقد ولدت وحيداً وعشت وحيداً... دعني أذهب علني أموت وحيداً!!!

هب واقفاً منادياً للظل الضخم الذي غادره الآن: أنت مجنون!!! تختار الموت على الثراء... انتظر... انتظر... صارب أنت...

انقطعت سبل الكلمات عندما أُعِيد غلق الباب بهدوء تام, تحرك الرجل للنافذة وهو يهتف بصورة أبيه الصورة المعلقة على الجدار كأنها تراقبه للآن كما كان طوال عمره يراقبه: بوصيتك هذه وضعت متفجرات في ملابسي!!

النظرة السائدة للجبروت والعند الرجولي اختارت مداعبة خياله بهذه اللحظة الفارقة: لا تستطيع الزواج من سنجول انظر لخنصرك وستعرف!!

نظر لخنصره مدركاً أن هناك زوجة مستقبلية تنتظره وعاد يطالب: أبي... إن سنجول حامل بابني ولن أتركه بلا أي هوية.

نظرة أباه كانت الغطرسة متجسدة وقتئذ عندما أشاح بنظره عنه معقباً بحدة مهددة لسلام أي شاب: وما أدراك أنه ابنك أساساً؟!! لا تنسى أين تعمل هذه الحقيرة، وأين تعيش، وكيف التقطها!!!

ألقى بالشك الساحر وتركه ينمو بقوة داخل قلب ابنه مدركاً أنها بعملها بمسرح المدينة كفنانة مبتدئة تبحث عن فرصتها، وهو ثرى معروف يملك صحيفة فنية قد تصادف أنه ألتقى بها وهي بمقابلة صحفية مع أحد العاملين بصحيفته لفتت نظره بجمالها وفتنتها، وعندما غادر الصحيفة وجدها تجلس على مقدمة سيارته فأوصلها، وقامت بإغراءه وهو متع ذاته بما قدمته له, يدرك أنهما لم يكونا يصلحا لبعضهما وهذه إحدى الآثار السلبية للحياة العصرية التي كانا هو وسنجول يتبعاها, لم تكن مستهترة ولكنها غير مقيدة بالتقاليد القديمة, حتى عندما قرر أبوه أن يمنحه الفرصة: اذهب إذا إليها!

كي أمنحك وردة!![سلسلة لا تعشقي أسمراً(2)]حيث تعيش القصص. اكتشف الآن