اعتراضات و ردود

178 15 46
                                    

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
في هاته الفقرة سنرد على الاعتراضات التي جاءتنا..و لأن وعد المؤمن حق كان لزاما علينا هذا..و من وجد تقصيرنا في نقطة ما أو تعليقا حول ما كتبناه فليتفضل بالإشارة و التوضيح و عفا الله عنا.
**************
و سنستعرض الاعتراضات كما جاءت ثم نعلق عليها...و نبدأ بهذا:
" ما تقدرين تثبتين صحه دين و مذهب وآحد في هذا الدين و العالم فيه آكثر . هذي الطريقه فاشله باختصار 🤦🏽 . الآديان افكار و عقائد ماهي حقائق علميه متفق عليها مافي شي اسمه (اثبت صحه دين( "

١-كان الاعتراض على خص الإسلام بالإثبات دون غيره..و أن أية شخص من أية دين يستطيع أن يقنعك بأن دينه صحيح..و أن الأديان ليست حقائق قائمة على براهين يقينية و أدلة عقلية إنما هي مجرد إيمان شخصي و عقائد خاصة تتوافق مع أهواء الشخص الذي أرادها.
طالبناه بالدليل على كون الأديان مجرد عقائد لا تقوم على براهين يقينية..:

" هاه؟ ايش دليلي على ان الدين فكر و عقيدة ! . 😂؟
ابحثي عن معنى الدين 🤦🏽. العقائد و الفكر ما تقدري تثبتين صحتهآ تتبنينها و تسلمين فيهآ او لا . هذا اختيارك .

٢-قال أن الدين مجرد عقائد تسلم بها فقط دون دليل لأن معنى كلمة دين يعني هذا.

و أردف:
الله موجود يب أومن انه موجود بس هل المنهجين الي ذكرتيهم من البدآيه صح ؟ لا . اذا اخترتي الايمان بوجود الله هذا الشي ما يقودنا للآسلام و لا للضرورة الدين . مثل ما حضرتك صرحت . يقودنا ان الله موجود فقط . اذا كان وجود الله يقودنا للاديآن معناته بتدرسين مليون دين دراسه صحيحه بكل مافيها ثم تقولين و الله هذا الدين صح و ذاك صح و الا فآسلوبك فاشل . الدين قضيه مالها دخل بوجود الله 🤦🏽.
اما آذا بتتعرفين على الله من خلال دين و كتب مقدسه هذا يعني انك تعرفتي على جزء من مليون من احتمالات كثيره لكيف الله و ذاته تكون ب التالي المنهج و الطريقه فآشله و حيروح عمرك و انتي تنتقلي بين دين و دين تسوين نفس الطريقه . 🤦🏽. هل هذا عقل ب النسبة لك؟ "

٣-و المعترض ربوبي يؤمن بوجود"الله" و لكنه لا يؤمن بالأديان..و اعتراضه على منهج السير و هو الانتقال من اثبات وجود الله إلى صحة الإسلام و أن الله لا علاقة له بالأديان أصلا..و يجب أن تمري على جميع الأديان بالعالم و تقوم بإثبات خطأها لتثبتي أن الدين الصحيح هو الإسلام.

لدينا هنا نقاط نوضحها و نرد عليها..و إذا قصرنا في نقطة أو غابت عنا نرجو اطلاعنا و عفا الله عن تقصيرنا.
-النقطة الأولى:
١-منهج السير في إثبات الإسلام فقط:
علينا أن نوضح أننا ذكرنا في منهج سيرنا "الاستقصاء"..ماذا يعني الاستقصاء؟
يعني هنالك مبادئ عقلية يجب أن تتوافق مع الدين الصحيح كصفات الله..نقوم بإثبات أهم الصفات التي يقول العقل السليم بوجوب اتصاف الخالق بها ثم نرى نظرة الدين لهاته الصفات..مثلا اتصاف الله بالكمال المطلق و الإرادة المستقلة و القدرة و العلم..فإذا توافقت نظرة الدين مع هاته الصفات مثلا ننتقل إلى المرحلة التالية و نقوم باستقصاء الدين الذي لا يتوافق..و لكن قد يقول قائل من أين لكِ بهاته الصفات إلا من دينك و تريدين أن تسقطيها على جميع الأديان لتنتهي أن دينك هو الصحيح!؟
نقول هاته الصفات ليست من ديني(لا اقول أن الاسلام لا يقول بها) بل هي صفات يوجبها العقل الإنساني للخالق..فمثلا لا يتصور خالق خلق الكون و غير قادر (عاجز) أو خلق هاته الدقة و الإتقان المبهر ثم يكون (جاهلا) و هكذا..نعلم صفات الله عن طريق دلالة الأثر على المؤثر أو القياس الأولى أو إثبات الصفات عبر إثبات نقيضها..أي الله لا يتصف بالجهل إذا هو عالم..و إثبات أن الله أحد لا شريك له..متفرد بالربوبية و الألوهية..و إذا اثبتنا وجود الله و انتقلنا بعدها إلى ما يجب أن يتصف بها الله و قمنا بمقارنة و استقصاء لن نكتفي بصفات الله بل هنالك أيضا جوانب أخرى و لكن هاته هي الأهم..فالأساس هو الأهم و نظرة الدين لله هي ما يقيمه و تتفرع عنه باقي الجوانب..و أيضا لن ننتقل إلى الأديان بعد إثبات وجود الله و صفاته الواجبة بل سنتجه إلى إثبات ضرورة النبوة و فيه رد مخصص على المنهج الربوبي الواقع بمغالطة الانقلاب الإقراري..و القول بأن الإيمان بوجود الله لا يقودنا حصرا إلى الإسلام بل وجب المرور على جميع الأديان هو قولٌ يحمل في طياته الصحة و الخطأ..
ما هو صحيح:
-أن الانتقال من إثبات وجود الله إلى صحة الإسلام دون استقصاء و مبادئ أوليه خاطئ و هذا ما (لن/لا) نفعله..فإننا نعلم أن الإيمان بوجود الله هو أولى خطوات التدرج في سلم الإيمان بالأديان..فلا يوجود على حد علمنا دين غير قائم على عقيدة بدون وجود الله..و قد بينت هذا المنهج في الجزء الأول من سلسلة وجود الله..فكان لِزاماً أن أبدأ من إثبات وجود الله.. فلو دخلت مباشرةً في الأديان لقام الاعتراض على من لايؤمن أصلاً بوجود الله..فمن ضَرب الجهل أن تكون أساسات البناء منعدمة و تأمل في برجٍ ضخم ثابت..بل لن يكون أصلاً..و هاته نقطة مهمة علينا تبيانها(رغم أننا فعلنا في بداية السلسلة..ولكن من يقرأ لأجل الاعتراض فقط سيعترض على النقطة المحذوفة من تحت الباء).
-ما هو خاطئ:
ليس علينا المرور على جميع الأديان فهنالك أديان مثلا تعبد غوغل و الفئران و البقر و الحجر. .و لا أعتقد أنه علينا احتراما لعقل القارئ أن نمر على هاته الأديان..إلا إن رايت استخفافا بعقلك فأردت المرور عليها فعليك هذا بنفسك.
-النقطة الثانية:
٢-الأديان مجرد عقائد لا تقوم على براهين يقينية..أي الإيمان قائم على التسليم الشخصي و الأعمى:
و هذا الكلام منتشر كثيراً في الصفوف الإلحادية أو الربوبية من غير المؤمنين..حيث يربطون الإيمان=انعدام الدليل..و هذا خاطئ للغاية و قد نبه إليه الدكتور سامي العامري في كتاب براهين وجود الله..و علينا التنبيه أنه عنى الإيمان كمصطلح و خصه بالإيمان بوجود الله..أي أننا نناقش القول بأن الإيمان(العقائد و الأفكار الدينية) و نرد على من يقول بأن الإيمان ملازم للتصديق بلا دليل.. و أردنا استجلاب كلامه كاملا للاستفادة عامةً..بقوله(قد يبدو السؤال عن ضرورة نصب البرهان لإقامة الإيمان منكرا عند فئتين من الناس.. فئة ترى أن الإيمان تصديق أعمى ضرورة.. خاصة إذا استخدم المصطلح الإنجليزي "fath" للتعبير عن مفهوم الإيمان في هذا الحديث.. فالإيمان بالله عند هؤلاء إذعان العقلي بلا بينة لدعوى وجود كائن روحي يعيش في ركن قصي في السماء مرسلاً لحيته الطويلة بلا تهذيب وبيده صولجان الحكم..كما في آيقونات النصارى في كنائسهم ، وقد يبلغ الإيمان مرتبة أدنى من ذلك كتعريف نيتشه له أنه : "الرغبة في اجتناب معرفه ما هوحق".. وهو منكر أيضا عند فئة أخرى مقابلة ترى أن كل ما لم يقم على وجوده برهان عقلى أو فلسفي..فهو عدم ضرورة.. فالبرهان على وجود الشي  هو الذي يمنحه حق الوجود.. وغياب البرهان الإيجابي حجة على عدم الشيء..
وقول الفريقين السابقين أثر عن عجلة تأبى التروي تأثراً بأعراف اصطلاحيةمنكرة لمعنى عبارة "إيمان"..الإيمان بالمعنى الإسلامي ليس قرين التصديق الأعمى..إذ هو تصديق ما لا ندركه مباشرة بالحس... وإن دلت عليه الشواهد والقرائن..أو ثبت بالتبع لا بالأصالة..كالإيمان بغيب يوم القيامة تبعا للإيمان
المدلل بصحة ربانية القرآن..فهو إيمان معقول أو عقلاني.
والقول : إن ما لا دليل على وجوده لا وجود له هو من رهق العقول
المتشنجة..إذ إن وجود الشيء بدخوله حيز الوجود غير ظهور أدلة وجوده..
فوجود الشيء يعني أنه حقيقة قائمة خارج وعينا، والعلم به هو اتصال وعينا به من خلال ظهور براهين هذا الحضور الكوني. والإنسان في سعيه للكشف عن حقائق الوجود لا يقول كلما فتح أمامه باب من العلم : إنه قد خلق حقيقة كونية جديدة ..وإنما يقول : إنه قد كشف الستار الذي كان تحول بينه وبين العلم بهذه الحقيقة الكونيه القائمه في الوجود قبل أن يدركها)
و في كلامه نلاحظ إنكاره على من يقول أن الإيمان هو التصديق الأعمى و إنكار على من يقول أن ما لا دليل عليه لا وجود له..و نلاحظ في بيانه معنى الإيمان بالمصطلح الإسلامي(و قد خص الإسلام على سبيل ضرب المثال و لأن الهدف عامة هو الإسلام و هذا لا علاقة لها بمنهج سيره في الكتاب أو الاعتراض الأول الذي بيناه) أن الإيمان لا يعني التصديق الأعمى دون دليل..فلو كان القول بأن الأديان عامة تقوم على الإيمان الأعمى و وجدنا في دين واحد عكس هذا لبطُل الإدعاء..ففي الرياضيات مثلا لو وجدنا ألف دليل على صحة معادلة و دليل واحد على خطأها لبطُل القول بصحتها..و هذا ما ضربناه مثالاً في الدين الإسلامي..كقوله تعالى((يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَكُمْ بُرْهَانٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكُمْ نُورًا مُبِينًا)
[سورة النساء 174]
و ما هذا إلا تأكيدا أن الدين الذي من عند لله لابد أن يكون محملاً بجملة من البراهين و الدلائل و إلا لكان ضرباً من العبث و العشوائية..و في هذا قول لشيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله قال:(فإن كثيرا من الناس لا تميز بين ما تنفيه لقيام الدليل على نفيه..وبين ما يُثبته لعدم دليل إثباته..بل تراهم ينفون ما لم يعلموا إثباتة..فيكونون قد قفوا
ما ليس لهم به علم..وقالوا بأفواههم ما ليس لهم به علم)
أي أن عدم العلم بالشيء لا يعني العلم بالعدم..عدم علمك بوجود دليل لا يعني عدم وجود دليل..و نفيك لعدم وجود دليل هو خاطئ فلا بد من دليل للنفي..و عدم وجود دليل للإثبات لا يعني وجود دليل للنفي..فالقول بأن الأديان مجرد إيمان دون أدلة هو رهطٌ من العقل و جهلٌ واضح بحقيقة الإيمان و الأديان و مغالطة منطقية شائعة...أما القول بالدليل هو تعريف الدين فهو دليل أثار كوامن التعجب و السخرية..فتعريف الشيء لا يعني أنه لا دليل عليه..و إن قصد القائل بأن تعريق مصطلح الدين يقول بأنه لا دليل على صحته فهذا مما لم أجده أصلا في تعريفه..فالدين:(عَقيدة إيمانيَّة أَو فَلْسفيَّة أَو سِياسيَّة، دِيانة، مَذْهَب، مِلَّة)..
و إن قصد القائل أن تعريف الدين بوصفه ببعض المصطلحات كعقائد و إيمان يعني أنه بلا أدلة فهذا مما رددنا عليه.
فإذا قلنا اصطلاحا أنني أعتقد أو أؤمن بأن الزمن نسبي لا يعني أنني لا أملك دليلا على كلامي..و إذا قلت أنني أؤمن أو أعتقد بالإسلام ديناً لا يعني أنني لا أملك دليلا..فالتركيز على المصطلحات و الفهم الخاطئ لها لا يعني القول بغياب دليل..فنعيد كرةً أخرى(عدم العم بالشيء لا يعني العلم بالعدم).
و جميلٌ كم تكون ثقة الجاهل بنفسه عظيمة بإضفاء(الاسمايلات) التي تعطي طابع الاستخفاف و الاستهزاء..ليخرج بعدها بهبدٍ لا علم له به.

لقد وصلت إلى نهاية الفصول المنشورة.

⏰ آخر تحديث: May 28, 2020 ⏰

أضِف هذه القصة لمكتبتك كي يصلك إشعار عن فصولها الجديدة!

الإسلام يتحدّىحيث تعيش القصص. اكتشف الآن