الفصل الأول

207 7 0
                                    

الفصل الأول**

الفراق .. دائماً يحمل معه الحزن على كلمة النهاية .. لكن مع رؤى يحمل الندم ولا أحد يعلم بما في داخلها .. الذنب المتجذر في ضلوعها .. داخل قلبها .. فجأة خلال مشاعرها المغيبة سقطت .. تحت وطء ضغطها النفسي .. سقطت أرضاً جاثية على ركبتيها .. نظر إليها الجميع ممن تصادف مروره في المكان.. بينما لا أحد مد يده نحوها .. هنا في هذا المكان .. يشاهد الجميع عشرات الحالات مثلها ..

تحركت أحدى الممرضات من داخل الغرفة .. فهبت الشابة واقفة جامدة تهتف فيها وهي تمحو تلك الدمعات التي أغرقت وجنتيها .. ثم تتمسك بزجاج النافذة البارد في أعلان أن أمها بالداخل:" أمي .. هل؟!! .. هل؟!!".
لم تجد الممرضة غير ربتة على يدها الممتدة نحوها :" ما أسمها ؟!!".
كادت تلفظ أنفاسها مع إخراجها للأسم .. ثم تعود تناظر الداخل:" فريدة عويضة".

سقطت عيونها البندقية على القدّ الصغير في بنطال من الجينز الممزق بأماكن متفرقة والبلوزة القطنية التي تكاد تلامس حافة بنطالها المتمسك بحزام جلدي بلون المشمش يلتف على خصرها تعلوه تلك السترة الطويلة وكأنها تنتمي لعالمين متوازيين .. لقد شاهدتها من الداخل .. نالت شفقتها .. تذكريداها الثابتتين على النافذة الزجاجية الفاصلة لغرفة العناية الفائقة، لا تحرك ساكناً لولا الهواء داعب وجهها فرمشت بعينيها لظنتها لحظتها تمثالاً من الجص لشدة شحوب بشرتها،..

همهمت مطمئنة :"جلطة دموية .. لقد منحناها العلاجات التي تذيبها .. حقيقة لولا سرعة حضورها كانت ستكون في وضع أخر ..ستكون بخير.. هناك شابة معها بالداخل ".
انتفضت رؤى ثم استوعبت أنها ليست بمفردها همهمت بتعجل :" من هي ؟!!".
لا تجد الممرضة إجابة ،فأشارت الممرضة لزميلتها بالداخل تطالبها بإزاحة أحدى الستائر الجلدية .. ففعلت .. ألتفت رؤى بكل ما تملك من تركيز قد يحتويه عقلها .. أمها على الفراش تجاورها أختها منال ..
*********
في نفس الردهة**
" يا ابي ماذا أفعل المناوبة لم تنتهي بعد ؟!!".
تخفت صوتها داخل الهاتف في يدها لكن هذا الأب المتوتر خوفاً يجيبها :" لا يا أمينة سوف أحضر لك وأجلبك .. حتى لا تحضرين في أحدى السيارات الأجرة وحدك ".
تخفض صوتها أكثر ترفض هذا المبدأ:" أبي لست طفلة .. ثم هناك حالة جديدة صارت مسئوليتي من اليوم .. أنتظر تجهيزها لأراها".
غمغم الأب مؤكداً برعايته الفائقة لصغيرته:" سأنتظرك في السيارة أمام المشفى ".

أغلقت أمينة هاتفها .. رفعت حاجبيها بتبرم مصدره تلك المسئولية القلقة التي يفرضها أبوها عليها .. في حين هي تريد منحه الراحة التي تنشدها له فقد كبر ..

نظرت أمينة جوارها تتطلع للداخل وجدت هناك شابة بداخل العناية تبدو أكبر بقليل للمسمرة جوارها ولكنها أكثر تماسكاً تمسك بكتاب الله وتتلو منه وهي قابضة على كف تلك السيدة الغائبة عن وعيها مقبلة تلك اليد بين الفينة والأخرى ودموعها ماتزال تجري على وجنتيها.
تفكر في صلة القرابة بينهما ،فمن الشبه بينهما يدرك من يراهما ما بينهما من صلة دم .. لا بل نسجت قصة توقعتها كما يفعلون مع الجميع فهذا عالمهم توقعات ونتائج ، فالفتاتان أختان وأمهما بين يدى الرحمن ينتظران قرار الباريء فيها.. لكنهما مختلفتين كلياً .. تجمدت تنتظر أن تخرج الشاردة بجوارها من حالة الصدمة التي توغلت داخلها.. مدركة أن لها يد بحالة الأم فالذنب رسم بريشته السوداء ظلالاً على محيا الشابة الجميل.

واكتملت [الجزء الخامس من سلسلة فراء ناعم ][ الليلة فصل جديد ]Where stories live. Discover now