الفصل الرابع

68 5 0
                                    


الفصل الرابع

في المساء**

في هذه اللحظة تماماً تحول العالم بأسره لقلب ينبض بقوة .. يكفيه النظر إليها بعد كل هذا الوقت .. لم تتبدل ملامحها رغم كل شيء .. مازالت هي فريدة الرقيقة .. حتى نومها لطيف مثلها .. يكاد يشعر أنها حلم .. مجرد طيف على الفراش .. تستلقي ولا تتنفس .. لولا جهاز احصاء الوظائف الحيوية كان ظنها جثة من فرط هدوئها في نومها ..

يكاد عقله يشتعل بالفعل .. كيف ظل يطالب صغيرته بالذهاب بإلحاح مطرد .. ليسألها عن جميل المعداوي وأسرته .. فقصت له عناوين قليلة .. مع سؤالها .. لماذا تهتم به لهذه الدرجة ؟!!..

عقب بهدوء باذخ لا يقبل الشك :" ربما كان صديقي القديم ، وهذه أسرته تحتاج شيئاً".

لم تقتنع بتلك الإجابة متحدثة :" ربما .. لكن لو كان صديقاً حرصت على صداقته .. كيف تغيب عن السؤال عنه .. أبي كما ذكرت لك الأم فريدة ولديها شابتان الكبرى منال والصغرى رؤى .. هذا ما يصرح لي الإعلان عنه .. الباقي أسرار مريض .. وقد أقسمت على حفظها ".

غادر المشفى يفكر في الماضي وقد دار دورته الكبرى ليعاود طحن عظامه ..ولكن هذه المرة ستكون مع صغيرته ..أمينة هي الثمن .. عاد مرة أخرى للمشفى .. ينتظرها داخل غرفتها لن يتركها .. لكن خيال جديد داعب قلبه فريدة .. الشابة الجميلة بضفيرتيها الطويلتان تتهادى في الصباح فيلقي عليها نظرة من الشرفة .. هتاف أمه من خلفه :" فريدة لن تنتظر يا ابن عز الدين .. مثلها لا يظل بلا زواج ..تبارك الله أخلاق وجمال وأبيها لم ينجب غيرها أيضاً وهو يتحلى بالستر مالياً .. سيريد الإطمئنان عليها قبل أن يحدث له مكروه .. دعني يا ولدي أتقدم له أخطبها لك لحجزها حتى يرفض الآخرون ".

لكنه يعلم أن الطريق أمامه طويل .. مازال هناك وقتاً حتى يجد عملاً ملائماً.. حتى لو توفر منزل الزوجية ومكث مع أمه .. سيظل فقيراً بالنسبة لها ..

تحركت في فراشها لأول مرة تنزعه من ذكرياته الغامرة له طوال عمره البائس .. حدق في بياضها الآخاذ المشع بلا زينة .. واهدابها مازالت كثيفة .. مازالت وجنتيها مرتفعة رغم بعض الخطوط الزائدة بسبب هموم الدنيا .. بدأت حدقتيها تتحرك تحت جفنيها .. ارتعد قلبه وقفز في مكانه لكنه عاد يثبته بقوة .. أثبت مكانك يا أشرف .. لا تدع الزمن يمر عليك بدون أن تراها .. بعد ان عثرت عليها ..

ارتفعت أهدابها عن عينا عسلية بلون العسل الصافي ..انتفضت لوجود هذا الرجل الغريب عنها .. هتفت مستفسرة تتمسك بطرحتها فوق رأسها :" من أنت ؟!!.. وماذا تفعل هنا؟!!".

ظل على تحديقه بها برهة ثم سألها بصوت ناعم عما تبادر لذهنها أن وجهه ليس غريب عنها .. لكن ترى أين شاهدته :" ألا تتذكريني فريدة !!".

تحركت رأسها بالنفي .. حتى لو تذكرته لن تتحدث وتعبر للزمن الماضي مرة أخرى .. لقد قتلها في الماضي بدون علم منه ، ويأتي الآن بكل جراءة يتمتع بمشاهدة جثتها :" لا أظن أني قد عرفتك من قبل !!".

واكتملت [الجزء الخامس من سلسلة فراء ناعم ][ الليلة فصل جديد ]Where stories live. Discover now